عادي

غرفة واحدة

23:49 مساء
قراءة 3 دقائق

كتبت: آية الديب

كلما وقع الظلم من الأقرباء كان وقعه على النفس أشد ألماً وقسوة، وعلى الرغم من أن الآباء هم مصدر الأمان والاستقرار والظهر الذي يستند إليه الأبناء، إلا أن بعض الأباء هم مصدر للبغض والآلام لدى أبنائهم، وإذا صبر الأبناء عن المواجهة احتراماً للآباء، فقد يضطر أحياناً الأبناء إلى الخروج عن صمتهم.

أحمد رجل تزوج من زوجته الأولى وأنجب منها 8 أبناء، خمس إناث وثلاثة ذكور، ومن زوجته الثانية أنجب 4 أبناء، يقطنون جميعاً في منزل شعبي بأبوظبي ملحق به فيلتان وملحقان.

تسبب أحمد الأب في آلام وآثار نفسية كثيرة لدى أبنائه من زوجته الأولى نظراً لأسباب مختلفة، ولكن كان في صدارتها سوء معاملته واستبداده، ولاسيما مع زوجته الأولى؛ حيث كانت هذه المعاملة وراء بغض أبناء الزوجة الأولى وكرههم للزوجة الثانية، واستيائهم من والدهم، إلا أنهم لم يتخذوا أية ردود أفعال حازمة تجاه ما يقوم به والدهم؛ تجنباً لاشتعال الأمور سوءاً بين والدتهم ووالدهم أحمد.

وبعد وفاة الزوجة الأولى، التي كانت تمتلك مع أحمد (الأب) الأرض المقام عليها المسكن الشعبي والفيلتان والملحقان، تمسّك أحمد بأن حصة زوجته المتوفاة أصبحت له ولأبنائه الثمانية، واشتعلت نار غضب الأبناء حزناً على والدتهم وغضباً من والدهم إلى أن وصلوا في نقاشاتهم مع والدهم أحمد إلى خطوط متوازية أوصلت الأمور بين الأب وأبنائه إلى ساحات المحاكم.

ورفع أحمد دعوى قضائية على أبنائه الثمانية أمام محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية، طالب فيها بقسمة قطعة الأرض التي يملكها بالمشاطرة مع زوجته الأولى المتوفاة، وأكد للمحكمة أنه بعد وفاة زوجته أصبحت حصتها له ولأبنائهما.

وأكد أحمد في دعواه أنه بعد وفاة زوجته الأولى استقلّ أبناؤه بكافة المباني المقامة على قطعة الأرض، وأجبروه على الإقامة هو وزوجته الثانية وأبناؤه منها في غرفة واحدة رغم ملكيته ما يزيد على ثلثي الأرض وما عليها من مبانٍ، وعدم تملكهم سوى أنصبتهم من والدتهم في الأرض فقط.

وندبت محكمة أول درجة لجنة خبرة للوقوف على إمكانية القسمة المكانية فيما بين أحمد وأبنائه من زوجته الأولى، إلا أن لجنة الخبرة انتهت إلى عدم إمكانية إجراء قسمة الأرض دون تفويت المنفعة المقصودة من المسكن الشعبي وملاحقه دون إلحاق ضرر به أو دون إنقاص قيمته، ومن ثم قضت برفض دعوى الأب لتعذر قسمة الأرض بالمباني المقامة عليها (المسكن الشعبي وما تمت إضافته من فيلتين وملحقين).

استأنف أحمد الحكم وطالب باستدعاء الخبير لمناقشته، أو ندب خبير آخر في الدعوى، واستجابت محكمة الاستئناف لمطالبته، وقضت بندب خبير هندسي خلافاً للخبير الذي ندبته محكمة أول درجة.

وأكد الخبير الثاني أن أحمد وأبناءَه لم يتفقوا على قسمة منفعة للأرض فيما بينهم، وارتأت تعذر القسمة بما يحقق الاستقلالية والخصوصية لكل منهم، وتوفير المنفعة المقصودة من المسكن، ولمّ شمل أحمد وأبنائه كأسرة نظراً لعددهم والحالة الاجتماعية التي عليها أحمد، وزوجته الثانية وأبنائهما الأربعة.

الخبير أوضح كذلك أن الفيلتين المقامتين على الأرض يقطنهما نجلاه من زوجته الأولى، وكل منهما رفقة عائلته، وأن النجلين تكفلا بسداد تكلفة إنشائهما دون أن يشاركهما والدهما في ذلك، وبالتالي فالنجلان وعائلتاهما أحق بسكناهما، ومن ثم قضت محكمة استئناف أبوظبي بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي قضى برفض دعوى أحمد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckrkjsx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"