عادي

خيانة أمانة

22:41 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: أمير السني

فاضت عيناه بالبكاء بعد أن أخبروه أنه مؤهل للعمل في الشركة، واجتاز الامتحان ليصبح حارس أمن، واتصل بأسرته الفقيرة في وطنه، ليفرحهم، ويبشرهم، وليخفف عليهم معاناة السنين التي عاشوها، وهم يسكنون في منزل ضيق مكون من غرفتين فقط، تملؤهما ثياب واحتياجات المنزل، وفي مساحة محدودة يخلد الجميع إلى النوم جنباً إلى جنب على الأرض، ويعمل الوالد حمالاً في السوق، بالكاد يستطيع تحصيل طعام صغاره في أيام عمل شاقة تبدأ قبل أن تنسج الشمس خيوطها على منزلهم الذي كسته رائحة الفقر، وينتهي بعد أن يغطي الليل أجساد أطفاله النحيلة التي تفتقر لأغطية تقيهم من البرد.

وبعد أن استمر عمله لمدة عامين، ارتفعت طلبات الأسرة والمبلغ المالي لا يكفي حاجتهم، وصار في حيرة من أمره فهو يواجه ضغوطات كثيرة، ولا يدري كيف يتصرف، فالدوام طويل ولا يستطيع أن يبحث عن عمل إضافي، وبالكاد يرجع إلى السكن ويغسل ملابسه ويستعد للنوم، وأصيب بالهم والحزن بسبب عدم مقدرته في تغطية حاجة الأسرة، وأعياه التفكير في كيفية الخروج من هذا الضيق، وصار كل يوم يحلم بمعجزة تنقذه، يستطيع من خلالها حل مشاكله.

أثناء الطواف على المكاتب في المنشأة نهاية الدوام الرسمي، للتأكد من إغلاق الأبواب والأنوار، لاحظ أن الموظف المسؤول عن تحصيل المبالغ من الخارج، يحضر إلى الشركة مرتين في الصباح والمساء، ويضع الأموال في أحد الأدراج، ويعود مره أخرى في المساء لمراجعتها ووضعها في الخزانة، وهو مطمئن لوجود الحراسة الأمنية وكاميرات المراقبة.

لعبت الأفكار الشريرة برأسه، وخطط ليأخذ جزءاً من المبالغ المالية التي يودعها الموظف في درج مكتبه ليحل بها مشاكله، وصار يفكر في تنفيذ خطة ذكية دون أن يكتشفه أحد، خاصة بعد أن نال ثقة المسؤولين في الشركة، فضلاً عن أن جميع العاملين يتميزون بالنزاهة والأمانة، ويتعاملون بثقة مع بعضهم، وكل هذه العوامل لم تثنه عن خطته لسرقة المبالغ المالية.

حدد ساعة الصفر وهي الساعة الثالثة بعد الظهر، أي بعد ساعة من خروج الموظفين، وبدأ يراقب الموظف الذي يحضر للمكتب ليضع الأموال ويذهب إلى منزله ليعود في الليل، ورصد تغطية كاميرات المراقبة في المكتب والممرات، وبدأ في تنفيذ خطته بأن ذهب إلى المكتب المحدد ليظهر أمام الكاميرات أنه يقوم بدوره الاعتيادي، وهو تأمين المكان، والتأكد من عدم وجود أي خلل أمني، واقترب من الدرج الموضوعة فيه المبالغ المالية، وتأكد أن كاميرا المراقبة تغطي المكتب والخزانة فيما عدا منطقة الدرج، وانحسر بجسده على زاوية محددة تبعده من الكاميرا وفتح الدرج وسرق عدداً من المبالغ المالية، وأخفاها في ملابسه، وخرج من المكتب بهدوء ليمارس دوره الاعتيادي، وبعد أن خرج من المكتب انتظر لحين تغيير الحراسة، وذهب إلى السكن، واطمأن عن نجاح خطته.

وعندما حضر الموظف إلى المكتب أخرج المبالغ المالية وبعد المراجعة اكتشف فقدان جزء من الأموال، وعلى الفور اتصل بمدير الأمن وأخبره بالواقعة، وشكل مدير الأمن فريقاً للتحقيق في القضية، وتم استدعاؤه للتحقيق معه فهو المسؤول عن هذه المنطقة في الشركة وكان متواجداً لحظة اختفاء المبالغ المالية، وتحت الضغط ومراجعة كاميرات المراقبة لتحركاته اعترف بواقعة السرقة، وفتح بلاغ جنائي في مواجهته بعد أن تم تسليمه إلى الشرطة، وبعد انتهاء التحري معه أمرت النيابة العامة بتحويله إلى المحكمة التي أدانته بجريمة السرقة، وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة 3 أعوام بتهمة خيانة الأمانة، وأمرت برد المبلغ المالي الذي عثر عليه بحوزته إلى الشركة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2aw84yu4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"