عادي

الوالي جلَّ جلاله

22:27 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل
يدرك الإنسان أن الذي خلقه وبث فيه الروح وسخر له الكون بأكمله لخدمته هو الله، سبحانه وتعالى، لكن تعتري الإنسان بين الفينة والأخرى حالة من الخوف والقلق مما هو قادم، فيخشى أن يصيبه الفقر أو تنزل به مصيبة وما إلى ذلك مما يجعله يشعر بالخوف والرهبة من كل ما هو قادم.

ولو أمعن المرء قليلاً، وأخذ يتفكر في أصل نشأته مذ كان نطفة لا حول له ولا قوة ثم تعلق بجدار الرحم ثم انتقل إلى مرحلة المضغة المخلقة وغير المخلقة، فأقره الله تعالى، وأودعه الروح، وغذاه بحبل بينه وبين أمه يأتيه من الغذاء ما ينبت اللحم، ويقوي العظم ثم إذا حان يوم قدومه إلى الدنيا خُلق بلا أسنان فأرسل الله له رزقه بحليب ترضعه إياه أمه، فلا شك ساعتئذ سيصل إلى الحقيقة التي دائماً ينبهه إليها خالقه، وهي أن الذي تولاك ورعاك وحفظك في كل تلك المراحل لن يضيعك فهو سبحانه لا تأخذه سنة ولا نوم.

الوالي جلَّ جلاله هو المتصرف في الكون فما أراده كان وما لم يرده لم يكن، هو الفعّال لما يريد، وهو الذي إليه الملجأ والمشتكى، خلق عباده ضعفاء ولم يتركهم وضعفهم؛ بل تولاهم في جميع مراحل حياتهم. من الذي علم الإنسان البيان؟ إنه الوالي، من الذي أرشده وبيّن له الطريق المستقيم كي لا تهوي به وساوس نفسه والشيطان في نار جهنم؟ إنه الوالي سبحانه. وقد يتبادر إلى الذهن أن الوالي هو الذي يتولى شأن عبده المؤمن فحسب، والحقيقة خلاف ذلك، فالوالي يتولى شأن عبده أياً كانت حالته، فهو رحيم بخلقه، إن كان عبده مؤمناً تولى شأنه بأن يسر له سبل الخير ودله عليها، وإن حاد عبده عن الطريق القويم لم يتركه الوالي؛ بل تولى شأنه بأن بعث إليه من يرشده، ويصحح له مساره «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، البقرة: 257.

الوالي يريد لعبده المؤمن أن يعمل وأن يسلك الأسباب، وألا ينسى أن الله هو الوالي الذي يدبر له إن عجز عن تدبير أمر نفسه.

الغريب أننا نركب السيارة مع سائق لا نعرفه أو قد نخضع لعمل جراحي على يد طبيب نجهل خبرته ومع ذلك نسلم أمرنا له، فكيف لا نسلم أمرنا للخالق الذي يتولى شأننا ويرشدنا إلى ما فيه الخير لنا؟ اللهم أنت ولينا في الدنيا والآخرة، فنعم المولى ونعم النصير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryzec2t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"