عادي
خواكين إسبالتر رسام البرجوازية الإسبانية

دفء العائلة في لوحة «خورخي فلاكير»

19:59 مساء
قراءة 4 دقائق
خواكين إسبالتر - لوحة «عائلة خورخي فلاكير»

الشارقة: عثمان حسن

خواكين إسبالتر (1809 - 1880) هو رسام إسباني معروف قضى معظم حياته المهنية في مقاطعة كتالونيا / مدريد، عرف في المقام الأول بالصور والمشاهد التاريخية. ولد خواكين لعائلة ثرية فقد كان والده تاجراً من برشلونة، عاشت العائلة في ستيجيس فراراً من الحرب التي اشتعلت بين مدريد وبرشلونة لنحو ثلاثة قرون مضت، عندما عادت العائلة إلى موطنها درس خواكين في مدرسة بياريست، وبعد ذلك سافر إلى مونبلييه لمدة عام لدراسة الفنون، بين عامي 1823 و1828، قرر تكريس نفسه للرسم.

اشتهر خواكين بكونه رساماً للبورتريه وكان يتمتع بشعبية كبيرة لدى البرجوازية المحلية لأسلوبه البسيط والمباشر، بالإضافة إلى لوحاته الكثيرة فقد قام أيضاً بإنشاء زخارف للمسرح الإسباني (1848) وجداريات مرسومة لجامعة يونيفرسيداد سنترال (1853-1858) وقصر بالاثيو دي كونجريسو دي ديبوتادوس.

كان خواكين أحد الفنانين المفضلين للبرجوازية الناشئة في القرن التاسع عشر، فعرف كيف يلتقط مشاهده بطريقة حقيقية ودقيقة من حيث التفاصيل، وبأسلوب يمكن تعريفه على أنه ما قبل رومانسي وليس رومانسياً، تشمل صوره الأكثر شهرة لوحة (أوكتافي كاربونيل) 1842، ولوحة (زوج منتادي) 1856، و(بونافينتورا كارليس أريبو) 1844، و(عائلة خورخي فلاكير) 1845، وجميعها موجودة في متاحف فنية منتشرة في إسبانيا بينها متحف كتالونيا الوطني للفنون.

* رومانسية

لوحة (عائلة خورخي فلاكير) المحفوظة في متحف الرومانسية بمدريد، تعتبر من أشهر رسوماته بما صادفته من إعجاب جماهيري ونقدي.

بعد إقامة خواكين القصيرة في مدرسة الفنون الجميلة في مرسيليا، انتقل إلى باريس عام 1829 ودرس مع أنطوان جان جروس، ثم أسس أسلوباً خاصاً في الرسم، في روما عام 1833، حيث أصبح جزءاً من مجموعة الرسامين الكتالونيين المرتبطين بالحركة الرومانسية ذات الجذور الألمانية «نازاريا» والتي شملت كلاودي لورينزال وبيليجري كلافي، لقد عبر خواكين أكثر من مرة عن إعجابه بالرسم الإيطالي في عصر النهضة.

قام خواكين بعدة زيارات إلى توسكانا، وفي 1839، قدم العديد من الأعمال في معرض كبير في فلورنسا بإيطاليا.

في عام 1842 استقر في مدريد، وعُيّن أكاديمياً في الملكية الفكرية للفنون الجميلة بسان فرناندو، وفي عام 1847، أسس مع فيديريكو مادرازو، والكاتب أوجينيو دي أوتشوا مجلة فنية سميت (عصر النهضة)، عينته الملكة إيزابيل الثانية رساماً فخرياً للبلاط، وفي 1860، عين أستاذا للفنون في «المدرسة العليا للرسم والنحت والنقش».

تعتبر لوحة (عائلة خورخي فلاكير) صورة لعائلة المصرفي دون خورخي فلاكير بيدرين داخل غرفة، على جدار الغرفة في أعلى تتصدر لوحة لرجل عجوز، هو دون خايمي سيريولا، والد دونا جوزيفا سيريولا كاستيلا. من اليسار إلى اليمين يظهر في اللوحة دون خورخي جالساً، وهو يغطي نفسه برداء حمام بدرجات اللون الأخضر ومبطن باللون الأحمر، ويقف إلى جانبه ابنه ماريانو، الذي يظهر بدوره مرتدياً معطفاً أسود، ويقوم بوضع يده اليسرى على حافة الكرسي الذي تجلس عليه أخته صوفيا، والتي تظهر في اللوحة مرتدية ثوباً مصمماً بمربعات، وهي جالسة أمام بيانو كبير الحجم، كما تظهر في الصورة شقيقتها الصغرى إليسا، التي توتدي فستاناً رمادياً، أما الأم دونا جوزيفا فترتدي ملابس سوداء وفي يديها منديل.

خلف الصورة الجماعية للعائلة، تظهر خزانة بسيطة ضمن مقتنيات منزل العائلة الواقع في مدريد بشارع كاريتاس.

تمثل هذه اللوحة التي رسمها خواكين، عملاً استثنائياً صممه الفنان بحرفية لا تشوبها شائبة من حيث الألوان المتناغمة، وبراعته في إنجاز لوحة فيها قدر كبير من التدرج اللوني الذي ينم عن حرفة واضحة في المشهد العام لفن البورتريه.

* طبق الأصل

حرص الفنان على إظهار العائلة بهيئتها الطبيعية، أي من دون تكلف أو تصنع، يدل على ذلك رصانة الغرفة وما فيها من أثاث يضاهي ما كان سائداً لدى الطبقة البرجوازية الجديدة في ذلك الحين، والتي تسعى لتقليد تراث طبقة النبلاء، وتحرص على تخليد نفسها من خلال ما لديها من ديكورات أو إكسسوارات مزينة بما يلزم من عناصر الرفاه والتباهي، ومع ذلك فإن هذا العمل، يحاول أن يقدم العائلة في صورة تشي بالبساطة وضبط النفس، ليشكل في نهاية المطاف وثيقة مباشرة للتعرف على الزي اليومي الذي اعتادت العائلات أن تتزين به، والفنان بهذه الصورة لا يقدم أي تلميح تذكاري، بل هو قصد أن يقدم عملا من أكثر اللوحات واقعية.

كانت هذه هي اللوحة الأولى التي فكر الفنان في بدء مشروعه بها، وهي واحدة من أجمل الشهادات على تطور الحياة الشخصية بما فيها من حميمية خاصة في مجتمع البرجوازية الجديدة، وكأن الفنان يريد القول: «هذه عائلة خورخي فلاكير، هذه إليسا فلاكير، الابنة الصغرى للعائلة، التي تزوجت من دون ميغيل دي لا فيغا-إنكلان، وفي عام 1858، أنجبت ابنهما الأول بينينو».

* خلفية

لقد تمتعت عائلة خورخي فلاكير بشهرة واسعة في أرجاء إسبانيا، هذه الشهرة حفزت أكثر من فنان على رسم أفراد منها، فقد ظهرت جوزيفا وخورخي فلاكير في رسم للفنان أنطونيو إسكيفيل، بالإضافة إلى رسم تمثال نصفي للابنة صوفيا من قبل بيدرو هورتيغوسا، ورسامين آخرين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4kyj57

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"