عادي

الغضب

22:48 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري

الغضب هو عدم تحكّم المرء بانفعالاته، هذا بدوره يُفقده السّيطرة على كلماته، مّا يؤدّي إلى زيادة معدّل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدّم، وبالتّالي يستجيب المخ بشكل سريع، آخذاً سلوكاً معيّناً وتعبيرات وجه ولغة جسد، قد تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء، لأنّ الغضب قد يكون مدمّراً عندما لا يتمّ تفريغه بالشّكل الصّحيح.

يقول علماء النّفس: إنّ الشّخص الغاضب كثيراً ما يعلّق غضبه على الآخرين، وإنّ غضبه هذا نتيجة ما حدث له في العمل أو الأسرة أو مع الأصدقاء أو لأسباب متعددة قد تحصل متفرّقة أو مجتمعة، ممّا ينعكس على حياته الشّخصيّة ويغيّر نمط حياته للأسوأ، نتيجةً لاتّخاذه قرارات خطأ وتصرّفات سلبيّة سيّئة. البعض عندما يغضب لا يستطيع أن يتحكّم بعلاقاته مع الآخرين، على الرغم من أنّهم لا علاقة لهم بما حصل له ومعه، فيلقي بكامل غضبه عليهم، موجّهاً بعض الكلمات الجارحة أحياناً، وبعد ذلك، عندما يهدأ يعود معتذراً مبرّراً تصرّفاته بتعرّضه لضائقة معيّنة أو ظرف ما أدّى لتصرّفه ذلك التّصرّف، أو قد يلقي سبب غضبه على الآخرين، كالمدير في العمل، الأولاد في المنزل، ظروف الحياة الصّعبة، ازدحام الطّريق ومبرّرات عدّة لا محلّ لها من موقع تصرّفاته، ولكنّ أيّ عذر يقدّمه للآخرين هو غير مقبول. وليس أسلوباً صحيحاً أن يقوم بإخراج غضبه ويصبّه على الغير؛ بل عليه أن يستخدم الذّكاء العاطفيّ في حياته، كقائد أو ربّ أسرة أو أيّة مكانة يشغلها، فليس من العدل أنّه كلّما غضب المرء صبّ هذا الغضب على من حوله لدرجة قد يصل فيها لظلم الآخرين. وهنا يبدأ دور الشّخص صاحب ثورة الغضب بأن يستخدم ذكاءه العاطفيّ ليتحكّم بتصرّفاته، فيتريّث ويهدأ ليستطيع التّفكير بشكل سليم، ضابطاً لسانه، ناطقاً أفضل العبارات، حتّى يتعلّم مهارات معيّنة؛ ذلك أنّ الشّخص الّذي يتعرّض لقهر الآخرين وعذابهم يعلم أنّ هذا الأمر ابتلاء من الله ليتعلّم دروساً مفيدة من ذلك، كأن يكن بمقدوره إدارة أموره بنفسه والاعتماد عليها وكيف يخلّص نفسه إن أوقعها بمأزق معيّن، كما أنّ الله تعالى لا يكلّف نفساً إلّا وسعها، فيتّقي هذا الإنسان ربّه في هؤلاء البشر ويُعين نفسه والآخرين على التّحلي بالحلم والابتعاد عن كلّ مسبّبات الغضب، لأنّه لا ينتج عن الغضب إلّا نتائج لا تُحمد عُقباها، فطوبى لمن جعل الحلم دستور حياة، وابتعد عن كلّ ما هو عكسه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/432fz7vp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"