عادي

الاستسلام للضّعف

23:06 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري

لقد خلق الله تعالى الإنسان وخلق فيه نقاط قوّة ونقاط ضعف، ومهما كان الإنسان قويّاً إلّا أنّ لديه بعض الثّغرات الّتي تُشعره بالوهن والضّعف، ما يجعله يتراجع عن القيام بأمور معيّنة مخافة النّتائج، وتختلف نقاط الضّعف من شخص لآخر، فالبعض تترسّخ نقاط ضعفه من خلال حبّه للأولاد، والبعض الآخر اكتنازه المال، كما نجد أيضاً ضعف البعض تجاه شراء الذّهب والمصوغات، ونخصّ بذلك النّساء وحبّهنّ لارتدائه.

كثيراً ما نلاحظ قيام البعض بأمور غير صحيحة، بغية الحصول على المال، مثلاً والّذي يشكّل نقطة ضعف قوية داخل النّفوس، ولكنّ نقاط الضّعف هذه ينبغي ألّا تجعل الإنسان مقيّداً لشهواته، فهو يسير نحو تحقيقها دون تفكير، إنّما يغلق عقله عن كلّ شيء ويصبح همّه الوحيد هو الحصول على ما يرغب دون الانتباه للوسيلة أو الطّريقة، فيأسر نفسه لهذا الهدف، ويقيّد عقله عن كلّ تصرّف صحيح سليم، وهنا لا بدّ أن يكون ضعف الإنسان ضعفاً لله تعالى وأمام الله وقدرته وجبروته، لا أن يكون ضعفاً أمام ملذّات الحياة ومغرياتها، لأنّ الاستسلام سيقود الإنسان للمهالك، فهذه الأمور دنيويّة فانية ستزول بعد فترة من الزّمن وسيأتي غيرها.

لكن إن كان الضّعف مرهوناً بالخوف من الله سبحانه وتعالى، فهذا الضّعف هو قوّة في حدّ ذاتها، لأنّه سبحانه هو القادر على كلّ شيء والقويّ الملك العدل الرّازق، يرزق الطّير وكلّ مخلوقاته، وكلّما كان المرء بالله أعلم كان له أخوف، ومن عرف أنّ كلّ ما في هذا الكون بيد الله ولا يحدث إلّا بقدرته لازداد يقيناً وإيماناً به وخوفاً من قدرته الجبّارة وملكوته العزيز، وازداد رجاءً له، يوفقه ويساعده للتّخلّص من ضعفه وتعلّقه بالأمور الدّنيويّة البالية، وينفعه بما هو أفضل له.

يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة: لن يخاف الرّجل غير الله إلّا لمرض في قلبه، فقد ذُكر أنّ رجلاً شكا إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة فقال: لو صحّحت لم تخف أحداً، أي خوفك من أجل زوال الصّحّة من قلبك، كما أنّ أصل كلّ خير في الدّنيا والآخرة هو الخوف من الله، لذلك على كلّ إنسان أن ينزع من قلبه كلّ ذرّة خوف دنيويّة، ويزرع مكانها بذرة الخوف من الله الّتي تكبر حتّى تصبح يقيناً بالله تعالى، وأنّ الضّعف سيصبح قوّة بقوّة يقينه بالخالق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yv45dn7j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"