إيمان الهاشمي
أصبحنا نعاني حساسية مزمنة بعد تضخّم «حبال الكذب» في حنجرة من يقول (أحبك) لتصبح الكلمة على لسان كل من «هب ودب» وبلا قلبٍ كَذب، ثم أقْسَمَ بصخب، أنك أول من أَحَبْ، وبأنه الحبيب المُرتقَب، ليدور حولك بشغفٍ وشغب، ويغني الأكاذيب بطرب، فيثير فيك القرف ثم العجب وبعدها الغضب، فالحب عندهم مصابٌ بداء الكَلَب؛ حيث تراه ينبح بلا تعب، بألم الخداع وألاعيب الكرب؛ فأعلنا الحرب على «المنبوذ عند العرب»، كما لو أن كلمة أحبك قذفٌ وسَبْ؟!
سهلٌ ممتنع أم صعبٌ يسير؟ خيالٌ حقيقي أم واقعٌ عسير؟ لست أدري فقد «كذب المحبون ولو صدقوا» لذلك سأحتفظ بحق «الفيتو» الخاص بنظام العشق الدوليّ، لأقول لمن يوزع «تذاكر خدع الحب مجاناً» سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاً، بأن الحب ليس «دمية تجارية» معلقة في «محلات» صدور البشر، كي يتم عرضها بهذا الشكل الهين والمهين، ما يؤدي إلى تلوث الحب وثقب «أوزون» القلب، كما أن قلوبنا ليست فئران تجارب... أليس كذلك؟!
حسناً.. أثبت الملحن الفرنسي ديبوسي أنه لا يحتاج إلى حرف الياء في اسمه، لكي تتعلق أعماله الموسيقية على لائحة العظماء من دون دبوس فأن تأتي إلى الدنيا فقيراً، فإن ذلك لا يعني أن تخرج منها حقيراً، وهكذا عَشِق البيانو من أول لمسة، وكان أكبر أشقائه الخمسة، فتكفلَّت عمته بمصاريف الدراسة، وجمع بين اللطافة والشراسة، كتب أوبرا واحدة فقط ولحّن للأطفال، ولكن لم تلقَ موسيقاه القبول في الحال، دمج بين الألحان الروسية والفرنسية، مع نهاية عصر الرومانسية، رفض لقب مؤلف الموسيقى الانطباعية، وتمسك بلقب «المودرن» أو الموسيقى الحديثة!
مقطوعاته قصيرة، كعلاقاته القصيرة فقد كان لا يُنهي أي علاقة قديمةٍ قبل أن يبدأ بعلاقةٍ جديدة؛ سعياً وراء أموال الفتيات الأثرياء، حتى أنه ترك زوجته بلا حياء، ليتزوج بضحيةٍ أخرى أكثر ثراء وأقل هراء لعله يصبح الموسيقار الثري، فحاولت الأولى الانتحار ولكنها عاشت برصاصةٍ استقرت في عمودها الفقري، وعاش هو يعاني أفكاراً انتحارية، إلى أن اندلعت أول حربٍ عالمية، فتناثر حوله معنى الأوطان، وتم تشخيصه بالسرطان، وكما يقولون، مات بالقولون، ثم ماتت ابنته الصغيرة بعده بعام، بسبب الديفتيريا مرض «الخناق» العام.
الغريب أن جنازته تعرضت لغاراتٍ وقصفٍ من الألمان، ولهذا أعيد دفن نفس الجثمان، للمرة الثانية في مقبرةٍ ثانية!
الاسم: ديبوسي
التاريخ:
1862 – 1918 56 سنة
الجنسية:فرنسي
النشاط:موسيقي
من أعماله:Clair De Lune
