عادي

عذب الكلام

00:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

من بدائع البلاغة، تَجْنيسُ التّرجيع، وهو إرجاعُ الكلمة بذاتها؛ كقول أبي تمّام:

يَجولُ بإيمانٍ عَواصٍ عَواصِمِ

تَصولُ بأسْيافٍ قَواضٍ قَواضِبِ

وقول ابنِ العَيْن زَربي:

أقولُ وقدْ جَدَّ الفراقُ، وأزمع ال

فَريقُ، وأشْجاني طَوارٍ طَوارِقُ

وغِربانُ وَشْكِ البَيْنِ يَنْعَقْن غُدْوةً

أأنْتُمْ نَواعي أنْفسٍ أمْ نَواعقُ

فَقَدْ صارَ هذا البَيْنُ للفَقْدِ آيَةً

فلا عَجَبُ إلّا إذا عاشَ عاشِقُ

دُرر النَّظم والنَّثر

خَيالٌ يَعْتَريني

البُحتري

(بحر الوافر)

خَيالٌ يَعْتَريني في المَنامِ

لِسَكْرى اللَّحْظِ فاتِنَةِ القَوامِ

لِعَلْوَةَ إِنَّها شَجَنٌ لِنَفْسي

وبَلْبالٌ لِقَلْبي المُسْتَهامِ

إِذا سَفَرَتْ رَأَيْتَ الظَّرْفَ بَحْتاً

ونارَ الحُسْنِ ساطِعَةَ الضِّرامِ

تَظُنُّ البَرْقَ مُعْتَرِضاً إِذا ما

جَلا عَنْ ثَغْرِها حُسْنُ ابتِسامِ

كَنَوْرِ الأُقْحُوانِ جَلاهُ طَلٌّ

وسِمْطِ الدُّرِّ فُصِّلَ في النِّظامِ

سَلامُ اللهِ كُلَّ صَباحِ يَوْمٍ

عَلَيْكِ وَمَنْ يُبَلِّغُ لي سَلامي

لَقَدْ غادَرتِ في جَسَدي سَقاما

بِما في مُقْلَتَيْكِ مِنَ السَّقامِ

لَئِنْ قَلَّ التَّواصُلُ أَوْ تَمادَى

بِنا الهِجْرانُ عاماً بَعْدَ عامِ

فَكَمْ مِنْ نَظْرَةٍ لي مِنْ قَريبٍ

إِلَيْكِ وزَوْرَةٍ لَكَ في المَنامِ

أَأَتَّخِذُ العِراقَ هَوًى وداراً

ومَنْ أَهْواهُ في أَرْضِ الشَّآمِ

من أسرار العربية

في معاني «المسك» المَسْكُ، بالفتح وسكون السّين: الجِلْد، وخَصَّ بعضُهم به جلْدَ السَّخْلة؛ قال الثعالبي: ثمّ كثر حتى صارَ كل جِلْدٍ مَسْكاً، والجمع مُسُكٌ ومُسُوك؛ قال سلامة بن جَنْدل:

فاقْنَيْ لعلَّكِ أن تَحْظَيْ وتَحْتَبِلي

في سَحْبَلٍ من مُسُوك الضأْن، مَنْجُوب

والمِسْكُ بكسر الميم: ضَرْبٌ من الطّيب مذكّر وقد أَنّثه بعضُهم على أنه جمع، واحدته مِسْكةٌ: وأصله مِسَكٌ محرّكة؛ قال الجوهري: وأما قول جِرانِ العَوْدِ:

لَقَدْ عاجَلَتْني بالسِّبابِ وثوبُها

جديدٌ ومِنْ أَرْدانِها المِسْكُ تَنْفَحُ

فإنّما أَنّثه لأنّه ذهب به إلى ريح الِمسك. والمُسْكة والمُسْك: الرأْي والعقل. والمُسُك: البخيل، وكذلك والمِسِّيك. والمَسَك بفتح الميم والسين: المَوْضِعُ يُمْسِكُ الماءَ.

هفوة وتصويب

كثُرٌ يقولون «وقدْ بَلغ الغُبارُ عِنانَ السماء» وهي خطأ، والصواب «عَنان» بفتح العَين، أو «أعْنان»؛ ففي المعجم: عَنَّ الشيءُ يَعِنُّ ويَعُنُّ عَنَناً وعُنُوناً: ظَهَرَ أَمامك؛ وعَنَّ يَعِنُّ ويُعُنُّ عَنّاً وعُنوناً واعْتَنَّ: اعتَرَضَ وعَرَض؛ ومنه قول امرئ القيس:

فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ

عَذارى دَوارٍ فِي مُلاءٍ مُذَيّلِ

والعَنَانةُ: السَّحابَةُ، وجمعها عَنَانٌ. والأَعْنان: النواحي.

يقول آخرون «حضرنا أُمْسِيَةً جميلةً»، وهي خطأ والصواب «أُمْسِيّة» بتشديد الياء. وفي المعجم: أَتَيته مُسَيّاناً، وهو تصغير مَساء، وأَتيته أُصْبوحة كلّ يوم وأُمْسِيَّةَ كلّ يوم. فالمُمْسى: كالمُصْبَح، وأَمْسَينا مُمْسىً؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:

الحَمْدُ لله مَمْسانا ومَصْبَحَنا

بالخَيْرِ صَبَّحَنا رَبّي ومَسَّانا

ويقول بعضهم «فلانٌ امتَقَعَ لونُه»، للدلالة على الخوف أو الغَضب، والصّواب بناء الفعل للمجهول «امتُقِع»، لأن امْتَقَعَ ما في ضَرْعِهِ: شَرِبَهُ أجْمَعَ. وامْتُقِعَ (مَجْهولاً): تَغَيَّرَ لَوْنُه من حُزْنٍ أو فَزَع، ويُبنى للمجهول، لأنه لا يصنعه هو بنفسه، بل يأتي إليه من غير إرادته.

من حكم العرب

إِنَّ الحَكيمَ إِذا ما فِتْنَةٌ نَجَمَتْ

هو الّذي بِحبالِ الصَّبْرِ يَمْتَسِكُ

لا يرأسُ النّاسَ في عَصْرٍ نَعيشُ به

إِلّا الّذي لِقُلوبِ النّاسِ يَمْتَلِكُ

البيتان لجميل صدقي الزهاوي، يقول إنّ التصرّف العاقل الواعي، تجاه الأزمات والمشكلات، هو المبنيّ على التمسّك بالصبر، ومعالجة الأمور بحكمةٍ ووعي، وكلاهما، طريق واضح لامتلاك قلوب الناس وعقولهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/cekebn2y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"