تحقيق: عائشة خمبول الظهوري
على مدى عقود طويلة، كان الأهالي يحرصون على زواج أبنائهم وبناتهم في سن مبكرة جداً حرصاً على مصاهرة الأهل والأقارب لزيادة الترابط الأسري وإنشاء أسرة مستقلة في بداية العمر، وكان شبح «العنوسة» يطارد الفتيات اللاتي يتخطين سن العشرين و25 عاماً دون أن يتزوجن، ومع مرور الوقت، والتطور العصري والفكري، والحرص على استكمال التعليم والدراسات العليا لدى بعض الشباب والشابات، والحصول على عمل وظيفي مستقل، تغير تقسيم الأولويات واختيار الوقت المناسب للزواج بغض النظر عن العمر، وفي السطور القادمة نستعرض آراء فئة من الشباب يشاركون وجهات نظر متفاوتة فيما يتعلق بالارتباط وتوقيته المناسب.
تقول حليمة حامد: توجد اليوم أولويات تنتظر الشباب والشابات، فهناك شهادة دراسية يجب الحصول عليها أولاً وعمل وظيفي مستقل، أما الارتباط فهي فكرة مؤجلة لدى البعض وقرار لم يوضع في خطط البعض الآخر، الشهادات العلمية تترأس أولوياتي في الحياة، وتليها بعثة خارجية لاستكمال الدراسة واكتساب لغة جديدة، ما يترتب من خلالها الحصول على الوظيفة المبتغاة وتليها فكرة الارتباط» الشعور بالاستقرار من الممكن أن يكون إعطاء كل مرحلة عمرية حقها التعليمي للحصول على فرص عمل وفيرة كما تضيف: «الزواج التزام وتعهد يجب على المرء النظر إليه بجدية بعد الحصول على الشهادة العلمية وتلبية الاستقلال الوظيفي دون تضييع الفرد وهو في ريعان شبابه».
للحفاظ على حياة متوازنة بعد الخطوبة، يجب أن يتكافأ فكر الزوجين لبناء عائلة متفهمة ومتطلعة لا تعرف للجهل عنواناً، كما تقول ريم الأميري، وتضيف: «الانشغال بمسؤوليات الزواج يمكن أن يؤخر التعليم ويجعله فكرة مهملة، أريد أن أحصل على الشهادة وأعطي نفسي الحق من التعليم والتثقيف وبالتالي الحصول على شريك حياة متعلم»، بالنسبة إلى الارتباط والأطفال فهما مسؤوليات مؤخرة بالنسبة لريم الأميري، وقالت: «كل فتاة تحلم بالاستقرار مع شريك حياة مناسب، ولكن يترتب على ذلك مسؤوليات على العاتق من تربية الأطفال والانشغال بهم من الممكن حرماني من لذة التخرج مع طالبات دفعتي الدراسية، لهذا يجب عليّ اكتساب الشهادة في وقتها لكي أستطيع أداء واجباتي في الارتباط دون ظلم العائلة بالتقصير».
فكرة مرفوضة
الزواج المبكر لم يندثر فحسب، بل أصبح فكرة مرفوضة لدى العائلة قبل أصحاب الشأن، ويبدأ الشاب في العشرين مسيرة الاستمتاع بالحياة وبالتالي تأجيل الارتباط بميثاق الزواج كما هي الحال مع أحمد الشحي، ويقول: «الزواج ليس أمراً مرفوضاً، ولكن تأجيله لسنوات فكرة محسوبة لاستغلال سن الشباب بالعمل والدراسة وخوض تجارب الحياة باستقلالية»، ويضيف: «الزواج لا يعني الحرمان من الاستمتاع بالحياة ولكنه ميثاق مرتبط بمسؤوليات تحاكي نظام وتوقيت معين، لا أبالي بتوقيت الرجوع إلى المنزل وأنا أعزب ويمكنني المبيت في الخارج أو حتى السفر وحيداً، ولكن سوف يختلف الحال إذا كنت متزوجاً فهناك عائلة تنتظرني وأطفال يستعدون لعودتي»، فالزواج المبكر الذي كان إلزامياً في الماضي، أصبح الآن هدفاً وخياراً للشباب.
ترتيب الأولويات
بالحديث عن التعليم وتأخير الارتباط، هناك من الفتيات من يفضلن الموافقة على الزواج وإكمال الشهادة الدراسية مع شريك حياة متفهم وواعٍ مع أخذ الارتباط بعين الاعتبار وكذلك التعليم، وتشير فاطمة الطياري إلى هذه التجربة قائلة: «الزواج لم يكن حاجزاً لحصولي على الشهادة، حتى مع مواجهة ضغط الأمومة والمسؤوليات، أجلت الفصل الدراسي لفترة قصيرة ومن ثم أنهيت دراستي على أكمل وجه».
وتوضح: «شريك الحياة كان نقطة قوة لي في الفترة الدراسية، ومن يخفف عليّ ضغط الاختبارات ومشاركتي تدريبات العروض التقديمية إضافة لدوره الأبوي في التربية المشتركة لتخفيف أعباء اليوم الدراسي الطويل»، وتضيف: «يمكن للمؤهل العلمي أن يساعدني بالحصول على فرصة وظيفية لحصد ثمرات التعليم، أو إعداد مشروع خاص ومستقل يتطلب دراسة مسبقة».