عادي

عذب الكلام

22:32 مساء
قراءة 3 دقائق
لوحة

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

من جماليات المجاز، أن يسمّى الشيء باسمِ ما قاربه أو كانَ منه بسبب، كما قال جرير:

إذا سَقَطَ السَّماءُ بأرْضِ قَوْمٍ

رَعَيْناهُ وإنْ كانوا غِضابا

يريد سقوط المطر، والمَطر لا يُرعى، ولكنّه أراد «النَّبْتَ».

وقول كثيّر عزّة:

قامَتْ تودِّعُنا والعَيْنُ ساكِنَةٌ

كأنَّ إنْسانَها في لُجَّةٍ غَرِقُ

ثُمَّ اسْتَدَلَّت علَى أَرْجاءِ مُقْلَتِها

مُبادِرٌ خَلَساتِ الطَّرْفِ تَسْتَبِقُ

شبّه عينيها ببحر، لشدّة زرقتهما، وسعتهما.

دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

صَفِيّ الفُؤَاد

عمر بن أبي ربيعة

(بحر الخفيف)

مَنْ لِقَلبٍ أَمْسى حَزيناً مُعَنّى

مُستَكيناً قَدْ شَفَّهُ ما أَجَنّا

إِثرَ شَخصٍ نَفسي فَدَت ذاكَ شَخصاً

نازِحَ الدّارِ بِالمَدينَةِ عَنّا

أَنْ أَراهُ واللهُ يَعلَمُ يَوْماً

مُنْتَهى رَغْبَتي وما أَتَمَنّى

لَيْتَ حَظّي كَطَرْفَةِ العَيْنِ مِنْها

وكَثيرٌ مِنْها القَليلُ المُهَنّا

أَو حَديثٍ على خَلاءٍ يُسَلّي

ما أَجَنَّ الضَّميرَ مِنْها ومَنّا

أَنَرى نِعمَةً نَراها عَلَينا

مِنكَ يَوْماً قَبل المَماتِ ومِنّا

خَبِّرينا بِما كَتَبْتِ إِلَيْنا

أَهُوَ الحَقُّ أَمْ تَهَزَّأتِ مِنّا

ما نَرى راكِباً يُخَبِّرُ عَنكُمْ

أَو يُريدُ الحِجازَ إِلّا حَزِنّا

ثُمَّ ما نِمْتُ بَعْدَكُمْ مِن مَنامٍ

مُنذُ فارَقتُ أَرضَكُمْ مُطمَئِنّا

ثُمَّ ما تُذْكَرينَ لِلقَلْبِ إِلّا

زيدَ شَوْقاً إِلَيكُمُ واسْتُجِنّا

ذاكَ أَنّي ذَكَرتُ قَبْلَكِ يَوماً

يا صَفِيَّ الفُؤادِ لا تَنسِيَنّا

  • من أسرار العربية

في معاني «غرر»: غَرَّ الْماءُ: نَضَبَ، غارَ فِي الأَرْضِ. غَرَّ الرَّاعِي: رَعَى جِمالَهُ. غَرَّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ: أَطْعَمَهُ بِمِنْقارِهِ. غَرَّ الوَلَدُ: كَانَ ذا غُرَّةٍ. غَرَّ وَجْهُهُ: اِبْيَضّ. غَرَّ الرَّجُلُ: سادَ، وشَرُفَ، وكَرُمَتْ فِعالُهُ. غَرَّ المسنّ: كانَ ذَا غَفْلَةٍ وَقَلَّتْ فِطْنَتُهُ.

غَرَّ فلانٌ فلاناً: خَدَعَهُ وأَطْمَعَهُ بالباطل. غَرَّ الْماءَ: صَبَّهُ. والغَرِيرُ: الكَفيلُ. والغِرّة الفتاة الحديثة السِّنِّ التي لم تجرِّب الأُمور؛ وهي غِرٌّ. والغُرَرُ: ثلاثُ ليالٍ من أَوّل كلّ شَهْر. والغَرْغَرةُ: حِكاية صَوْتِ الحَلْق. والغُرورُ: الأَباطيلُ. وقومٌ غُرَّانٌ: بيضُ الوجوه؛ قال امرؤ القيس:

ثيابُ بَني عَوْفٍ طَهارى نقيَّةٌ

وأوجُهُهُمْ بيضُ المَسافِرِ غُرَّانُ

  • هفوة وتصويب

يقول بعضُهم: «إنّهُمْ في مَوقِفٍ خَطيرٍ»، ويقصدون أنه مُخيفٌ أو يُنذِرُ بالشّرِّ. وفي صَحيحِ اللّغةِ: الخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ، والمالِ والشّرفِ والمَنزلةِ. ورجلٌ خَطِيرٌ: أَيْ لهُ قَدْرٌ وخَطَرٌ. وقد خَطُرَ (بالضّمَ)، خُطُورَةً. والخَطِيرُ منْ كلّ شيءٍ: النَّبِيلُ. ويقالُ للشريفِ: هُو عَظيمُ الخَطَرِ.

والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى بها على خَطَر. والصّوابُ هنا القول: «إنَّهمْ في مَوقفٍ يُنْذِزُ بالخَطَرِ».

ويقول آخرون: «مرّت القافلةُ بِحافّةِ الوادي» (بتشديد الفاء)، وهي خطأ، والصّوابُ «بِحافَةِ» بتَخْفيفِها. لأنّ الحافَّ: اليابِسُ، وحَفَّتْ الأَرضُ تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها.

أمّا الحافُ، والحافَةُ: فهما الجَانبُ. والجمع: حافَات؛ قال زهير بن أبي سلمى:

كما اسْتَغاثَ بماءٍ لا رِشاءَ له

من الأباطِحِ في حافاتِهِ البُرَكُ

من حكم العرب

وما مِنْ شِدَّة إلاَّ سَيأْتي

لَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ

لقد جَرَّبْتُ هذا الدَّهْرَ حتَّى

أفَادَتْني التَّجَارِبُ والعَناءُ

البيتان لأبي تمّام، يقول إن التحلّي بالصبر والحكمة، في مواجهة الشدائد، خير سبيل لمعالجتها، ومن ثمّ نسيانها، لأن كل شدةٍ سيأتي بعدها فرج وهناء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2rsnhn2r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"