إذا أردنا أن نميز خاصية فريدة ينفرد بها الرومانسيون الإنجليز من شعراء القرن الثامن عشر أمكننا أن نجدها فيما خلعوه على الخيال من أهمية، وفي وجهة النظر التي يتمسكون بها عنه، وهي وجهة نظر يتفق عليها بليك، وكولردج، ووردزورث، وشيلي، وكيتس، رغم ما بينهم من خلافات بارزة في التفاصيل.
وقد أمد الخيال كلاً منهم بنظرية بارزة في الشعر، لذا كما يقول سير موريس بورا في كتابه «الخيال الرومانسي» كان أقصى ما يحفلون به في الشعر صدقه في التعبير عن العواطف، حسبهم أن يتحدثوا بمصطلحات عامة عن التجربة العامة للبشر، لا أن يغوصوا إلى النزوات الشخصية، ليخلقوا عوالم جديدة، فالشاعر عندهم مفسر، يهتم بعرض الجذاب من الأمور التي نعرفها من قبل، أكثر من اهتمامه بالرحلة إلى كشف غير المرئي وغير المألوف، واهتمامهم بخفايا الحياة أقل من اهتمامهم بالمألوف من ظاهرها، ويعتقدون أن الشعر بدون الخيال مستحيل.
هذا الإيمان بالخيال كان جزءاً من إيمان العصر بالذات الفردية، إذ كان الشعراء على وعي بالقدرة الرائعة على خلق عوالم من صنع الخيال، وما كان يسعهم أن يؤمنوا بأن هذا نوع من الكسل أو الزيف، بل إنهم على العكس من ذلك، كانوا يعتقدون أن كبح جماح الخيال إنما يعني إنكار أمر حيوي لكيانهم جميعه، وهم يرون الخيال وحده هو الذي يجعل منهم شعراء.
