هوية أطفالنا و«العربية»

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا التفت كل منا حوله، سيجد بلا شك من المعارف والأصدقاء والجيران أو حتى الأقارب من يبحث عن أفضل حضانة يلحق أطفاله بها، ويضع في حساباته قائمة شروط يحرص على توفرها، أبرزها النظافة وحسن التعامل مع الأطفال والأمانة في الحفاظ على هؤلاء الصغار والمساهمة في تشكيل وعيهم وزرع أولى بذور التعليم والتربية فيهم.. ومؤكد هناك من الناس من يحرصون على أن يكون مستوى اللغة الأجنبية في الحضانة جيداً أو ربما ممتازاً، ليتم تأسيس الصغار «لغوياً» بشكل سليم منذ بداية احتكاكهم بعالم التعليم، ولكن ماذا عن اللغة العربية، وأين موقعها من الأطفال وتعليمهم والحضانات؟
الحقيقة أن هذا السؤال لا يخطر أو بالأحرى لم يخطر على بال أولياء الأمور، ونكاد نجزم أن الانشغال بتعليم اللغة العربية لا يشكل جزءاً ولا أولوية في قائمة اهتمامات الأهالي، وكأن الجميع يكتفي بما يلتقطه الأطفال من كلام محكي، كل بحسب لهجته العامية والمحكيّة، ويسعى بكل جهده لتعليم طفله اللغات الأجنبية ليجيد نطقها والتعامل بها «وكأنه أجنبي أباً عن جد»، ولم نكن لننتبه لهذه النقطة المهمة لولا توجيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، باعتماد اللغة العربية لغة التدريس المعتمدة في حضانات الشارقة الحكومية، وذلك خلال الاجتماع الرابع عشر لمجلس أمناء أكاديمية الشارقة للتعليم.
لماذا لا نحرص على تعليم أطفالنا ومنذ الحضانة لغتنا العربية؟ لماذا لا نفكّر في أن هذا التوجّه يترك أثراً كبيراً ومباشراً في لغتنا الأم، كما يزرع في صغارنا بذور التعلّق بهويتهم من خلال معـرفتهم بلغتهم، ويزرع فيهـم الثقة بها والفخر بانتمائهم لها؟
قرار اعتماد «العربية» للأطفال في الحضانات يؤسس لمرحلة مهمة سنرى ثمارها لاحقاً، حين يكبر هؤلاء الصغار ويتشكل وعيهم على معنى وأهمية وقيمة لغتهم الأم، يتحصنون منذ الطفولة بحب وتقدير ما نطق به لسان أهلهم وأجدادهم، فيتعلمون كيفية احترام هويتهم وانتمائهم وأصولهم.. وهي خطوة تأسيسية ستؤثر مباشرة في الأجيال الجديدة والقادمة وتساهم في دعم مسيرة التعليم من جهة، ودعم اللغة العربية وكل الدعوات التي تقام سنوياً والأنشطة التي تصاحبها من أجل حماية اللغة العربية واستعادة مكانتها.
لا نبالغ إن قلنا إن قراراً من هذا النوع هو السبيل الأفضل من أجل تنشئة أبنائنا على حب اللغة العربية والتمسك بها بل والاعتزاز بها بدل الهروب منها خجلاً، للارتماء في أحضان كل وأي لغة غربية غريبة، وكأنه إثبات على تقدم وتطور المرء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vvh6hwd

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"