«السلبية» إيجابية

01:00 صباحا
قراءة دقيقتين

سأنظر إلى الأمور من الجانب الآخر، ألسنا نعيش في زمن «السلبية» فيه هي الإيجابية، حيث ينتظر المرء بقلق، ويدعو برجاء، أن تكون نتيجة تحليل وباء «كورونا» سالبة كي يشعر بالتفاؤل ويبتهج؟ فلنر الأشياء من منظور مختلف. 
متباعدون نحن وكأن بيننا سفر ومحيطات، لكن التباعد الإجباري هذا، سهّل علينا اجتياز المسافات بأسرع وأسهل وسيلة ممكنة؛ وسيلة النقل الحديثة التي لا يقف في دربها سوء أحوال جوية أو سوء أحوال مادية، ولا تحتاج إلى حجوزات مسبقة وتذاكر ومقاعد، ولا إلى ترتيب إجازات ومواعيد.. لا تفرض عليك الحصول على «فيزا» أو إذن دخول، ولا أختام ذهاب وعودة وحقائب وقاعة انتظار؛ بل أكثر من ذلك، أنت لست بحاجة إلى جواز سفر كي تركب على متن إحدى الرحلات وتبدأ المغامرة. 
نسافر عبر الشبكة الإلكترونية فنصل في لحظات إلى كل مكان في العالم؛ هي النظرة الإيجابية لما آلت إليه أحوالنا وما فعله بنا الوباء اللعين، فبسبب انتشار «كوفيد  19»، فتح لنا العالم أبوابه لنتجول في رحابه ونزور معارضه ونشاهد الحفلات، ونشارك في الندوات والأمسيات الثقافية والفنية وغيرها من الأنشطة والمناسبات.. مشاركة افتراضية آمنة، قدمت للناس امتيازات لم ننتبه لوجودها من قبل، أو ربما لم نكن لنُعيرها أهمية لولا الخوف من الوباء. 
صارت للمشاهدة المنزلية للأفلام والمسلسلات الجديدة والمعروضة خصيصاً لنا، نحن المتقوقعين داخل بيوتنا، نكهة خاصة زادت من فرص استمتاع كل أفراد الأسرة بهذا اللقاء الفني الجميل، وكل الطقوس المرافقة له، والدردشة حول ما نشاهد، وكل منا يُبدي رأيه ويقترح أو يعترض.
قبل «كورونا» كان الكسل يطغى على الرغبة الحقيقية في التواصل مع الأحبة والأصدقاء، والمشاركة في مواساة الآخرين أو القيام بواجب اجتماعي، فإذا بنا اليوم نسرع إلى كتابة الكلمات وإرسال رسائل صوتية، أو إجراء مكالمة بالصوت والصورة لنعبر عن مشاعرنا ونربط خيوط المودة في ما بيننا.
المطبخ أيضاً صارت له نكهة «عائلية» ألذ من كل النكهات التي عرفها سابقاً أو اعتادها في روتينه اليومي، بات ينتظر لقاء كل أفراد الأسرة وجدلهم ورغبة الجميع بلا استثناء في المشاركة في صنع وجبة لذيذة، أو تجربة طبق جديد وخبز المعجنات والحلويات.
أما صباحاتنا، فصارت كلها فتيّة يانعة، أعادتنا إلى مقاعد الدراسة وكأننا ندخل نفس الفصول مع أبنائنا، نشاركهم حصصهم بالفكر والسمع، ونواكب تطورهم، ونلتقي مدرسيهم أيضاً بالصوت والصورة، ونتحدث ربما بأريحية أكبر عن أبنائنا والتعليم، ولدينا إحساس بأننا نستضيف المدرسين والمسؤولين في بيوتنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"