عادي

أربعة قرون من العداء بين العلم والأدب

22:17 مساء
قراءة دقيقتين
2301

يؤكد «بي. كيه. ريدلي» في كتابه «عن العلم» الذي ترجمته إلى العربية لبنى الريدي، وصدر عن المركز القومي للترجمة، أن النشاط الفكري للبشر متنوع بشكل هائل، ومعبر عن نفسه في عدد لا نهائي من الأشكال المتباينة، كما أن رسم خريطة بسيطة وغير مصقولة، وإن كانت مغرية ذات بعد واحد، قد يضع العلم والرياضيات في قطب، والرسم والموسيقى والأدب في القطب الآخر، ويتميز الأول بشكل عام بالبرود، والعقلانية التحليلية، بينما يتميز الثاني بالشعور الحدسي والشكل.

يشير الكتاب إلى أن الستينيات من القرن العشرين شهدت استقطاب العالم الفكري نحو كتاب تشارلز بيرس سنو «الثقافتان»، حيث أعتبر العديد من أنصار الفلسفة الإنسانية من جيل «سنو» أن الثقافة تعني الأدب فقط، الذي بخلاف العلم يمجد ويخدم القيم الأخلاقية لدى الإنسان وغرائزه الجمالية، قد يكون العلم فرعاً معرفياً وفكرياً محترماً تماماً، لكن لا توجد أبداً حاجة لأن يشغل الشخص المثقف نفسه بتفاصيله، كان رد فعل «سنو» على ذلك هو ادعاء تفوق العلم، حيث يعتبره النشاط الوحيد القادر على الترقي بمعرفتنا عن أنفسنا والعالم الذي نعيش فيه، فقد ندد بضيق الأفق الذي يتوقع أن يكون الجميع قد قرأ شكسبير بالطبع، في حين لا يرى إلحاحاً في أن يكون المرء مطلعاً على القانون الثاني للديناميكا الحرارية، وما ينطوي عليه.

شعر رئيس جامعة كمبردج آنذاك بصدمة عميقة من فكرة أن يقوم العلم بمنح قيمة بدلاً من قيم الأدب، للأسف كان رد فعله على أفكار «سنو» يتسم بالذم والهجاء والإيذاء الشخصي بحيث ضاعت فرصة إجراء نقاش منطقي مقنع حول القضية، إن أغلب القضايا التي أثيرت خلال خلاف الثقافتين في الستينيات من القرن العشرين، فقدت أهميتها منذ وقت طويل وتم نسيانها، لكن توجد قضيتان لا تزالان قائمتين على نحو غير ضروري: القضية الأولى هي حدة الشعور المضاد للعلم، والثانية تتعلق بإدراك التعارض بين العلم والأدب، وهو إدراك متأصل فينا بعمق، نتيجة أربعة قرون من العداء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"