عادي
دفع أجيالاً من الشباب لدراسة «الفن السابع»

نادي القاهرة للسينما.. حكاية تبحث عن مؤرخ

23:14 مساء
قراءة 3 دقائق
2201

ظهرت فكرة نادي السينما للمرة الأولى في أبريل 1907، عندما أسس إدموند بينوا ليفي نادي الفيلم في البناية رقم 5 طريق مونمارتر في باريس، وكان الهدف من إنشائه هو حفظ كل ما يتعلق بالنشاط السينمائي من وثائق ومعلومات وصور، وإضافة إلى ذلك كانت هناك قاعة لعرض الأفلام. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أسس المخرج والناقد السينمائي الفرنسي لويس ديلوك، أول جمعية سينمائية، كما أصدر مجلة «سينيا» التي تعتبر أولى المجلات السينمائية المتخصصة في العالم.

وفي عام 1920 أسس ريتشيوتو كانودو الإيطالي الذي كان يقيم في باريس، جمعية سينمائية ضمن الجمعيات الأولى الفرنسية، أطلق عليها نادي سينما الفن السابع.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية اتسع نطاق حركة نوادي السينما في فرنسا والعالم. وكما يوضح أمير العمري في كتابه «عصر نادي السينما»، فإن جوهر الفكرة منذ بدايتها أن تفتح المجال أمام عرض الأفلام التجريبية والطليعية والكلاسيكيات القديمة، وأفلام غير تجارية بشكل عام، بهدف خلق جماعات من محبي السينما وهواة الأفلام الفنية، ومن باريس انتقلت الفكرة إلى لندن التي تأسس فيها أول نادٍ للسينما عام 1925 باسم جمعية الفيلم.

وكانت جمعية الفيلم، كما يوضح أمير العمري، تضم نخبة من الشباب المثقف ذي طابع أرستقراطي، وقد وضعت الأساس الحقيقي الذي قام عليه في ما بعد «معهد الفيلم البريطاني» حسب الصيغة المعروف بها في الكتابة العربية، بينما الحقيقة أنه ليس معهداً تعليمياً؛ بل مؤسسة مستقلة تحصل على دعم مالي من الحكومة.

وينتقل العمري للحديث عن تجربة نادي القاهرة للسينما، موضحاً أنه على الرغم من أهمية التجربة، وما أسهمت به في خلق قاعدة شديدة الأهمية للتذوق والوعي بأهمية السينما، ودفعت أجيالاً من الشباب لدراستها والاشتغال بها، فإن المدهش هو أن هذه التجربة مضت وانقضت، دون أن يفكر أحد في كتابة تاريخها.

كان نادي القاهرة للسينما، كما يوضح العمري، مشروعاً طموحاً من مشاريع وزارة الثقافة المصرية في عصر ثروت عكاشة، ولا شك في أن الفكرة ولدت من قلب حالة الزخم السينمائي التي شهدتها مصر بعد هزيمة 67؛ أي في خضم حركة المراجعة الثقافية والسياسية التي اجتاحت البلاد، وشغلت المثقفين بحثاً عن أسباب الهزيمة، والرغبة في التحرر من الثقافة التقليدية العتيقة، والتطلع إلى ثقافة أخرى أكثر حداثة.

وعندما وصل نادي السينما إلى السنة العاشرة من عمره عام 1977 لاحت في الأفق أزمة تكاد تعصف به، وتكشف تفاصيل ما دار في اجتماع الجمعية العمومية للنادي في 25 مايو 1977 الكثير عن تلك الأزمة أو المأزق الذي أصبح يتعين على النادي أن يواجهه.

وكان أساس الأزمة يرجع إلى السياسة الجديدة التي اتبعها الرئيس السادات منذ مجيئه إلى الحكم، فقد كان أحد القرارات المبكرة التي أصدرها في خريف 1971 تتضمن إلغاء مؤسسة السينما الحكومية؛ أي عملياً توقف الدولة عن إنتاج الأفلام، وإعادة النظر في دور الدولة في التوزيع السينمائي وإدارة دور السينما، ثم صدر قرار بتكوين هيئة السينما التي لم تعد تمتلك أي سيطرة على الإنتاج، وإن ظلت تحتفظ بالسيطرة على الاستوديوهات السينمائية التي تصور فيها الأفلام، وبعض دور العرض.

ويوضح العمري أن إنتاج الأفلام بواسطة الدولة المصرية توقف، لكن الأمر استغرق سنوات إلى أن بدأت تصفية قطاع دور العرض، بغرض إعادة تلك الدور إلى أصحابها الأصليين، ومعها انتهت تجربة نادي القاهرة للسينما، وتم توقيع اتفاقات عديدة مع فرنسا، على بناء الأرشيف القومي للفيلم أو «السينماتيك»، لكن ظلت الاتفاقات حبراً على ورق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"