عادي

عذب الكلام

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

من بدائع التشبيه، قولُ أبي الطيّب:

إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ

كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ

تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ

مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ

وقول البُحْتُرِيّ مادحاً:

ذَهَبَتْ جِدّةُ الشّتَاءِ وَوَافا

نا شَبيهاً بكَ الرّبيعُ الجَديدُ

ودَنَا العِيدُ، وَهوَ للنّاسِ حَتّى

يَتَقَضّى وأنْتَ للعيدِ عِيدُ

وقول السَّريُّ الرَّفَّاء يصفُ شمعةً:

مَفْتُولَةٌ مجدُولةٌ

تَحْكى لنا قَدَّ الأَسَلْ

كأَنَّها عُمْرُ الْفتى

والنّارُ فِيها كالأَجْلْ

دُرر النّظم والنّثر

كَم مِن مُهرَةٍ عَرَبِيَّةٍ

قيس بن الملوح

(بحر الطويل)

أَيا عَمروُ كَم مِن مُهرَةٍ عَرَبِيَّةٍ

مِنَ الناسِ قَد بُليَت بِوَغدٍ يَقودُها

يَسوسُ وَما يَدري لَها مِن سِياسَةٍ

يُريدُ بِها أَشياءَ لَيسَت تُريدُها

مُبَتَّلَةُ الأَعجازِ زانَت عُقودَها

بِأَحسَنَ مِمّا زَيَّنَتها عُقودُها

خَليلَيَّ شُدّا بِالعَمامَةِ واحْزِما

عَلى كَبِدٍ قَد بانَ صَدعاً عَمودُها

خَليلَيَّ هَلْ لَيلى مُؤَدِّيَةٌ دَمي

إِذا قَتَلَتني أَو أَميرٌ يُقيدُها

وكَيفَ تُقادُ النَفسُ بِالنَفسِ لَم تَقُل

قَتَلتُ ولَم يَشهَد عَلَيها شُهودُها

ولَن يَلبَثَ الواشونَ أَنْ يَصدَعوا العَصا

إِذا لَم يَكُن صُلباً عَلى البَريِ عودُها

نَظَرتُ إِلَيها نَظرَةً ما يَسُرُّني

بِها حُمرُ أَنعامَ البِلادِ وسودُها

إِذا جِئتُها وَسطَ النِساءِ مَنَحتُها

صُدوداً كَأَنَّ النَفسَ لَيسَت تُريدُها

ولي نَظرَةٌ بَعدَ الصُدودِ مِنَ الهَوى

كَنَظرَةِ ثُكلى قَد أُصيبَ وَحيدُها

فَحَتّى مَتى هَذا الصُدودُ إِلى مَتى

لَقَد شَفَّ نَفسي هَجرُها وَصُدودُها

فَلَو أَنَّ ما أَبقيتَ مِنّي مُعَلَّقٌ

بِعودِ ثُمامٍ ما تَأَوَّدَ عودُها

من أسرار العربية

فُروق لغوية: بَيْنَ الشُّحِّ والبُخْلِ؛ الشُّحُّ: البُخْلُ مع حِرْصٍ على مَنْعِ الخَيْر. والبُخْلُ: مَنْعُ الحَقّ، وضدُّ الكَرَمِ. بَيْنَ الفَقيرِ والمِسْكينِ؛ الفَقيرُ: الذي له بُلْغَةٌ منَ العَيْش؛ قال الراعيُ:

أمَّا الفقيرُ الذي كانت حَلوبَتُهُ

وَفْقَ العيالِ فلم يُتْرَكْ له سَبَدُ

والمِسْكينِ: أشدُّ حالاً مِنَ الفقير.

بَيْنَ الضَّرّاء والبَأساء؛ الضَّرّاءُ: المَضَرّةُ الظّاهرةُ. والبأساءُ: الضَّرّاءُ ومَعَها خَوْفٌ؛ لأنّها مِنَ البَأسِ، وهو الْخَوفُ؛ فيُقال: لا بَأسَ عَلَيْكَ، أي لا خَوْفَ عَلَيْكَ. وهي اسمٌ للْحَرْب والْمَشَقّةِ والإبتئاس: الحُزْنُ. والمُبتَئِسُ: الكارِهُ الحزين، قالَ حَسّانُ بنُ ثابت:

ما يَقْسِمِ اللهُ أقْبِلْ غَيْرَ مُبْتَئِسٍ

ِمنْه وأقعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ

هفوة وتصويب

يخلطُ كثُرٌ، بَيْنَ كَلِمَتيّ خُطّة (بضمّ الخاء)، وخِطّة (بكسرها)؛ تقولُ المعاجم: الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ في الشّيْء، والْجَمعُ خُطُوطٌ، وقدْ جَمَعَهُ العَجّاج على «أَخْطاطٍ»، فقال:

وَشِمْنَ في الغُبارِ كالأَخْطاطِ

يَطْلُبنَ شَأوَ هارِبٍ شَحّاطِوالخُطَّةُ كالخَطِّ. والخُطَّةُ: شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يقال: سُمْتُهُ خُطَّةَ خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قال تأَبَّط شَرّاً:

هُما خُطَّتا.. إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ

وإِمَّا دَمٌ والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ أَراد خُطَّتانِ، فحذَفَ النّونَ تَخْفيفاً. وقولُهم: خُطَّةٌ نائيةٌ، أي مَقْصدٌ بعيدٌ.

أمّا الخِطَّةُ، فهي: الأرضُ يَخْتَطُّها الرجلُ لنفسِهِ، وهو أنْ يُعْلِّم عليها علامةً بالخَطِّ ليُعْلَمَ أنَّه قد اختارها ليبنيَها داراً.

من حكم العرب

حَلَبْنا الدَّهْرَ أَشطُرَهُ ومَرَّتْ

بِنا عُقَبُ الشَدائِدِ والرَّخاءِوجَرَّبنا وجَرَّبَ أَوَّلونا

فَلا شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الوَفاءِ

هذان البيتان لعليِّ بنِ الجهْم، يدعو فيهما إلى التَّحَلّي بِخَصْلَةِ الوفاءِ، لأنّها قيمةٌ إنسانيّةٌ نبيلةٌ، وتنشر الراحة والطمأنينة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msdrmwb4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"