عادي
وسيلة للترابط بين البشر

«الحواديت» عماد وجدان الجماعة الشعبية

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
5

القاهرة: «الخليج»

تعد الحدوتة أحد أنواع الأدب الشعبي المهم، والتي تعبر عن الأفكار والقيم للجماعة الشعبية، وتسهم في تكوين السلوك النفسي والاجتماعي والثقافي لأفرادها، وتعكس أيضاً الواقع المجتمعي الموجودة فيه، فهي في مجمل سياقاتها واحدة، وإنما تختلف شخوصها وترتيب أحداثها على حساب البيئة التي توجد فيها، فهي تعبر عن جماعة معينة، لكنها تبقى مرتبطة بمحاكاة الواقع، أو بتصوير واقع نفسي متشابه مع الواقع الفعلي، ليقتنع أفراد الجماعة بحقيقة حدوثه.

كانت الحدوتة تُحكى للطفل في مرحلة عمرية مبكرة، لدرجة أنها تسهم في تشكيل وجدانه وسلوكياته، الأمر الذي أدى إلى ضرورة التأكيد على أهمية إعادة بثها من جديد، بشكل يثبت وجودها في المجتمع المصري، بشكل عام، والمجتمع الريفي بشكل خاص.

تقوم الحدوتة بدور مهم في عملية الاتصال الجمعي لفهم القيم الإنسانية، التي تحرص جماعة بعينها على بثها بين أفرادها، فالحدوتة كانت فيما مضى هي الوسيلة الأولى لتعليم الطفل، وتعريفه بالحياة، فهي لم تقف عند حد أنها وسيلة ترفيه، وإنما كانت تؤدي وظائف عدة، منها الوظيفة التعليمية والتربوية والنفسية.

ولما كانت الحدوتة في طريقها للاندثار نتيجة للتطور السريع في الحياة بمختلف نواحيها، في المدن، بشكل عام، وفي القرى بشكل خاص، تسعى نشوى محمد شعلان في كتابها «الحدوتة وسيلة اتصال» إلى الكشف عن الدور الذي تلعبه الحواديت كوسيلة من وسائل الاتصال الجمعي، والتعرف إلى مضمون بعض الحواديت الموجهة للطفل، وما تحتويه هذه الحواديت من قيم ومبادئ أخلاقية.

تهدف الدراسة إلى التعرف إلى آليات عملية الاتصال من خلال الحواديت، كما تسعى إلى إعادة بث الحواديت من خلال إحدى وسائل الاتصال الجماهيري، عن طريق برامج الرسوم المتحركة، التي يفضلها الأطفال.

توضح الدراسة أن الاتصال ضرورة حياتية، لا يمكن الاستغناء عنها، في أي مجتمع من المجتمعات البشرية، فلو فقد الاتصال بين الناس لتعذر ظهور الحضارات الإنسانية، ولما ظهرت السمات الثقافية لأي مجتمع من المجتمعات، والاتصال بين الناس لا يقف عند حد التحادث بين طرفين أو أكثر، وإنما يتسع ليشمل أشكالاً مختلفة، تقوم جميعها على توضيح المعنى والفكرة، من خلال الرسوم أو العمارة أو الشعر، وغيرها من الفنون المختلفة، التي يعبر بها الإنسان عن أفكاره وعن بيئته.

ويعد الأدب الشعبي في حد ذاته شكلاً من أشكال الاتصال، وهو أحد الفنون التي تعتمد على الرموز اللغوية، التي تشكلها ثقافة المجتمع، والذي يتوارثه الأفراد شفاهة، ويجسدون ما جاء فيه من قيم ومقولات ثقافية، تحدد سلوكهم، وتفسر لهم الظواهر الكونية من حولهم، بل وأحياناً يصبح أمراً للتسلية في أوقات فراغهم، من خلال الاستماع إلى الراوي.

ولا عجب في أن الحواديت، بوصفها نوعاً أدبياً شعبياً شفاهياً، تلعب دوراً مهماً في تشكيل وجدان الجماعة الشعبية، نظراً لما تحتويه من قيم ترسخ لأسس التعامل داخل الجماعة الشعبية، الأمر الذي يؤدي إلى وجود توافق بين أفرادها.

ولما كانت الحدوتة تقوم على وجود طرفين فإنها بذلك تعد شكلاً من أشكال الاتصال، يقوم في بنيته الأساسية على وجود طرف مرسل هو الراوية (الأم – الجدة) والطرف الثاني هو المستقبل (الطفل) ويعد سياق الحدوتة ومحتواها هو الرسالة التي تنقل بها الراوية القيم والقوانين، التي تحافظ الجماعة الشعبية، من خلالها، على تمسكها، الأمر الذي جعل مؤلفة هذا الكتاب تحاول أن تستفيد من المادة الميدانية من الحواديت، لكي تقوم بإعادة إنتاج أحد عناصر الثقافة الشعبية، باستخدام أحد وسائل الاتصال الجماهيري (التليفزيون) في محاولة منها لوضع أيدينا على كيفية الاستفادة من التراث، في غرس بعض القيم لدى الأطفال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdeatf7t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"