دول تُنوع وتزدهر

22:00 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*

في المبدأ هنالك فارق كبير بين الدول التي تنمو بقوة والأخرى التي لا تعرف إلا النمو الضعيف. هنالك البنية الأساسية من ثروة بشرية ويد عاملة فاعلة وكذلك هيكلية سكانية مناسبة. نضيف إليها التطور المالي والمادي كما في أوضاع الاقتصاد بشكل عام منها سوء توزع الدخل والثروة. أما السياسات، فلها أهميتها الكبرى أي درجة الانفتاح التجاري وعدالة النظام الضرائبي وحسن الرقابة كما في فعالية القوانين والإجراءات. هنالك دور كبير للمؤسسات أي الشفافية والحوكمة كما في قوة القانون واحترام الملكيات ومدى انتشار الفساد وكلها أمور أساسية إذا كانت هنالك رغبة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

هناك أمثلة مهمة عن دول ناجحة حققت الازدهار منها فيتنام. يقدر صندوق النقد نموها ب7% هذه السنة. يقتصر التضخم على المحروقات والنقل ولا يصل إلى الغذاء لأن فيتنام تنتجه. هنالك عرض كبير داخلي للانتاج الزراعي الضروري جداً للشعوب. وارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك لهذه السنة لكنه يبقى أدنى من هدف المصرف المركزي أي 4%.

نتيجة ممتازة لدولة عانت الكثير من الحروب، لكنها تميزت بنفس الوقت بمؤشرات الصمود والانضباط والانتاجية العالية والفعالية الاقتصادية المميزة. من السياسات الناجحة التي اعتمدت إبقاء الفوائد منخفضة وبالتالي ارتفع الاقتراض والاستثمار. أما برنامج الحكومة الاقتصادي، فارتكز على القطاعات التي لها فيها ميزات تفاضلية أي الصناعة والسياحة كما في قطاع التجزئة.

تتسابق الدول الكبرى لتوقيع اتفاقيات تجارة واستثمارات مع فيتنام وهذا ما فعله مؤخراً الرئيس بايدن. وبسبب التاريخ الثنائي المعقد، لا بد أن يأخذ ازدهار العلاقات وقتاً طويلاً لكن الخطوة الأولى حصلت.

مثال ناجح آخر هو الهند بالرغم من عدد سكانها الكبير المقدر ب 1.4 مليار شخص يقدر النمو في 2022 ب7% و6% في 2023. يرتكز الاقتصاد على الطلب الداخلي بدل الصادرات وهذا مهم لدولة كبيرة سكانياً وجغرافياً.

سياسات حكومة مودي ذكية، إذ ارتكزت على زيادة الاستثمارات العامة وإلغاء بعض الديون للمواطنين كما أعطت قروضاً ميسرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت من جائحة كورونا.

اشترت الهند النفط بأسعار ميسرة من روسيا ما ساهم في إبقاء التضخم منخفضاً. كانت نتائج كل هذه الجهود والسياسات نقل الاقتصاد الهندي من المركز السادس عالمياً إلى الخامس متقدمة على بريطانيا. تفعيل دور الهند في مجموعة البريكس ونسج علاقات استثمارية دولية كبيرة سيؤثران على مستقبل الاقتصاد ونسب نموه.

مشكلة الهند الأولى هي البطالة حيث يفتقد الاقتصاد إلى المرونة ويبقى النمو السكاني كبيراً. لا يستوعب الاقتصاد العمالة الجديدة العديدة بالرغم من النمو القوي نسبياً ولا بد من الاتكال أكثر على التكنولوجيا.

يهاجر الأفضل خاصة المهندسين إلى الغرب والولايات المتحدة تحديداً حيث يجدون العمل المناسب والمنتج للاقتصاد الأمريكي.

مشكلة الهند الثانية هي سوء توزع الدخل والثروة حيث تزدهر أسواق السلع الباهظة ولا تنمو أسواق سلع الاستهلاك العادية.

في كل حال يبقى النجاح ميزة الاقتصاد الهندي الرائد.

* خبير اقتصادي لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/37mj75vs

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"