عادي
أنتون موف أحد رموز مدرسة لاهاي للرسم

رحلة صباحية على الشاطئ.. تناغم الألوان وظلال السكينة

23:00 مساء
قراءة 4 دقائق
اللوحة

الشارقة: عثمان حسن
«أنتون» رودولف موف (18 سبتمبر 1838 - 5 فبراير 1888) ولد في زاندام، وهي بلدة تتبع مقاطعة في الشمال الهولندي، وكان رساماً ينتمي للمدرسة الواقعية، وعضواً بارزاً في مدرسة لاهاي للفنون، وكان يوقع على لوحاته هكذا: (أ موف) وأيضاً بالحرفين (أ م). كان موف رساماً محترفاً، وله تأثير مبكر جداً على ابن عمه فنسنت فان جوخ.

أشهر لوحاته تصور الفلاحين الذين يعملون في الحقول، ومن هذه اللوحات «قطعان الأغنام» التي حظيت بشعبية جارفة خاصة لدى رعاة الفن الأمريكيين، وكانت لوحة معروفة وشائعة جدا لدرجة أن فارق السعر كان واضحاً بين مشهدين للوحة: مشهد يصور «الأغنام القادمة» والثاني «الأغنام الذاهبة».

تدرب موف على يدي الرسام بيتر فريدريك فان أوس ومن بعده الرسام فوتر فيرشور. ولكي يطور من أسلوبه في الرسم، عمل مع الرسام الهولندي الشهير بول جوزيف غابرييل (1828 – 1903) وهو رسام مائي وأحد أعضاء مدرسة لاهاي للفنون، فرسم موف عدة لوحات من الطبيعة، وكان الاثنان يقيمان معاً ويعملان بانتظام في أوستربيك، باربيزون الهولندية.

لقد كان أنتون موف صديقا لجوزيف إسرائيل (1824 – 1911) وويليم ماريس (1844 – 1910) وهما من رموز مدرسة لاهاي (رسامو المناظر الطبيعية) وبتشجيع منهما، في فترة لاحقة، ارتأى موف أن يتخلى عن أسلوبه المبكر في الرسم وما أنجزه من أعمال رائعة في شبابه من أجل طريقة أكثر حرية وأكثر مرونة في الرسم، ومن أجل تناغم غنائي أكثر رقة ويتميز بالألوان الرمادية والخضراء والأزرق الفاتح.

تصور معظم أعمال موف الأشخاص والحيوانات في الأماكن والفضاءات المفتوحة، على سبيل المثال لوحته الشهيرة التي تصور الفرسان على ساحل البحر وهم يبتعدون عن المشاهد أو المتفرج، وهي اللوحة التي تتميز بتفاصيل غير تقليدية، كإبراز الرسام لفضلات الحصان في مقدمة المنظر التصويري، بناء على التزامه الشديد بالواقعية.

في عام 1872، استقر أنتون موف في لاهاي حيث أصبح عضواً بارزاً في مدرسة لاهاي للرسامين وأحد مؤسسي المدرسة الهولندية للرسم في عام 1876، وكان له دور مشهود ورائد في تطوير استوديو بولشري، أشهر استوديو في لاهاي. في نوفمبر 1874 تزوج من أرييت (جيت) كاربنتوس (1856–1894)، وأنجبا ابنهما أنطون (1876–1962)، الذي أصبح أيضاً رساماً.

رحلة الصباح على الشاطئ

تعتبر لوحة «رحلة الصباح على الشاطئ» للفنان أنتون موف عملاً مذهلاً يجسد جمال وهدوء شروق الشمس على الشاطئ. واللوحة تعتبر نموذجاً قوياً للأسلوب الفني المثالي لموف، الذي يتميز بقدرته على التقاط الضوء وأجواء المناظر الطبيعية.

تركيبة اللوحة مثيرة للاهتمام، إذ استطاع أنتون موف من خلالها أن يخلق إحساساً بالعمق والمنظور من خلال وضع الفرسان في المقدمة، والبحر والسماء في الخلفية. علاوة على ذلك، فإن وضعية الفرسان وخيولهم توحي بإحساس بالحركة والديناميكية، ما يضيف عنصراً مؤثراً من الطاقة إلى اللوحة.

يلاحظ أن استخدام الألوان في «رحلة الصباح على الشاطئ» ملحوظ جداً، فقد أبدع موف لوحة ناعمة ودقيقة من ظلال ألوان الباستيل ليخلق شعوراً بالهدوء والسكينة في اللوحة. ومن جهة أخرى، اللوحة تظهر تناغما من اللونين: الأزرق والوردي في السماء والبحر بشكل مثالي مع الألوان الترابية للفرسان وخيولهم.

تاريخ اللوحة مثير للاهتمام أيضا، فقد رسمها موف في عام 1876، خلال الفترة التي كان فيها موف يجرب الانطباعية والواقعية. لاقت اللوحة استحسان النقاد وأصبحت واحدة من أشهر أعماله.

هناك أيضاً بعض الجوانب غير المعروفة في اللوحة والتي تجعلها أكثر إثارة للاهتمام. ومن المعروف أن أنتون موف كان عاشقا شديد التعلق بالخيول، وأنه غالبا ما كان يرسم مشاهد للفرسان والخيول على الشاطئ. ومن المعروف أن اللوحة مستوحاة من الزيارة التي قام بها موف إلى الساحل الهولندي، حيث أصابه الذهول من جمال المناظر الطبيعية.

باختصار، فإن لوحة «رحلة الصباح على الشاطئ» هي لوحة فنية مبهرة تجمع بين المهارة والإحساس الفني الفريد. إنه عمل فني صمد أمام اختبار الزمن وظل أحد أكثر أعمال أنطون موف شهرة.

تاريخ وتفاصيل

كان موف عضواً في مدرسة لاهاي التي اشتهرت بتصويرها للحياة القاسية للصيادين في شيفينينجن. لكن هنا، اختار موف موضوعاً مختلفاً في تصوير مجموعة برجوازية تقود الخيول على طول الشاطئ. وتظهر اللوحة مجموعة من الفرسان ينزلون إلى الشاطئ، وبحوزتهم كل ما يلزم لهذه الرحلة كمعدات الاستحمام للسباحة، كما تعتبر هذه اللوحة استثنائية في أعمال الفنان موغ، وهو الذي كان معروفاً برسم الحيوانات في بيئتها الطبيعية، أي اللوحات الصامتة، وكان مشهوراً بشكل خاص بمناظره الطبيعية مع الأغنام. اختار موف في اللوحة نظام ألوان مدروس يتشكل من اللونين الأزرق والأصفر، وهو فعال في تصوير أجواء شاطئ البحر. وتوحي حركة الضوء في اللوحة بقدر كبير من الديناميكية والحركة.

ثبت أن الاستخدام المبتكر للضوء في اللوحة، كان أكثر مهارة وأكثر تميزاً في أعماله.

بعد الانتهاء من ترميم اللوحة في عام 1991. أزيلت الطبقة الصفراء التي تغلغلت في العمل، والتي بدورها كشفت عن شيء آخر مثير للدهشة. فقد صورت اللوحة التزاماً شديداً من جانب موف بالمدرسة الواقعية، حيث قام بتصوير فضلات الخيول في المشهد، وهذا ما أثار حفيظة البعض، كما هو حال أحد المالكين السابقين للوحة، الذي اعتبر ذلك غير لائق، وقام بطلاء هذه التفاصيل وإخفائها.

مدرسة لاهاي

هي مجموعة من الفنانين الذين عاشوا وعملوا في لاهاي بين عامي 1860 و1890، وقد تأثر عملهم بشدة بالرسامين الواقعيين في مدرسة باربيزون الفرنسية.

استخدم رسامو المدرسة بشكل عام الألوان الداكنة نسبياً، ولهذا السبب تسمى مدرسة لاهاي أحياناً بالمدرسة الرمادية.

أنتون موف
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/54785sar

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"