عادي

كي تكون سعيداً

00:28 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

القاهرة: وهيب الخطيب

 

كثيرة هي الأسباب التي نسمعها حول تراجع معدلات القراءة في أقطارنا العربية، البعض يذهب إلى ضغوط الحياة وعصر السرعة وثقافة اللهاث التي باتت تنتاب الجميع ولا تترك لهم أي وقت يخصصونه للقراءة، ولكن في مقابل ذلك هناك ظاهرة ذلك الوقت الطويل الذي يضيعه الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي. البعض الآخر يؤكد أن المسألة ترتبط بالتربية، فمن لم يتعلم الإمساك بالكتاب في طفولته فإنه لن يقرأ طوال عمره، فضلاً عن عوامل أخرى تتعلق بالتربية والأسرة..إلخ، الأسباب عديدة لا نمل من تكرارها، وفي هذا الملف من «الخليج الثقافي» نلقي الضوء على أبرز هذه الأسباب، مع إضاءات على كيفية زيادة معدلات القراءة.

الأجهزة الرقمية، لا توجد كتب في المنزل، الكثير من الانشغالات، تبريرات عدّة قد يسوقها الناس للإجابة عن سؤال: لماذا لا يقرؤون؟ ومؤكد أن أحدنا سمع من قبل «أحب القراءة. ربما يكون أكثر شيء أنا متحمس له. لكني لا أقرأ». أما الكتّاب والأدباء والصحفيون بطبيعتهم فيحبون القراءة، ويقضون الكثير من الوقت في التوصية بالكتب للناس. كما يسمعون الكثير من الأسباب التي تجعلهم لا يستطيعون قراءتها.

عربياً، ثمة تصور أن المواطن العربي لا يقضي وقتاً طويلاً في القراءة، وبحسب تقرير صدر عام 2012 عن «اتحاد الناشرين الدوليّين»، فإن المعدل العربي لساعات القراءة سنوياً 35.24 ساعة سنوياً.

لا داعي للقلق، فمشكلة العزوف عن القراءة ليست عربية فحسب، إذ تظهر الدراسات التي أجرتها مؤسسة National Endowment for the Arts أن الأمريكيين، وعلى نحو عام، لا يقرؤون الكثير من الأدب. والسؤال هو، لماذا؟، هناك الكثير من الأعذار التي يقدمها الناس، مثل أسباب عدم حصولهم على كتاب جيد منذ شهور، أو حتى سنوات، وغيرها من التبريرات.

كما أظهر استطلاع أجري في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018 أن 24٪ من البالغين لم يقرؤوا أي جزء من كتاب في العام 2017، الأمر الذي لم تعده المؤسسات الأكاديمية مفاجئة، فالقراءة صعبة في ممارستها.

ليس لدي وقت

على الرغم من أهمية الموضوع، فإن البحث في الأسباب أمر يبدو بسيطًا، وسبق أن تناولته مؤسسات تعليمية دولية، وفاض فيه باحثون وكتّاب ومهتمون بالقراءة ومعدلاتها، بخاصة وأن النسبة الإجمالية للذين يقرؤون على نحو مستمر في نزاع مستمر.

أبرز الأسباب التي يسوقها الناس «ليس لديّ الكثير من الوقت»، فهل يمكن أن نعده سبباً حقيقاً؟، تعال نسأل أسئلة أخرى يمكن أن تسهم في معرفة الإجابة الدقيقة. هل هؤلاء ليس لديهم الوقت الكافي لاختيار لعبة على هواتفهم؟ حقيقي أن الكتاب قد يستغرق في المتوسط من 6 إلى 12 ساعة، والناس في هذه الأيام يضيعون الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. ذلك هو السبب؛ غالباً ما يستنتجون أنه نادراً ما يكون لديهم الوقت للقراءة.

لكن ماذا لو جرب أولئك أن يصطحبون كتبًا معهم في كل مكان، وبدلاً من قضاء الوقت على الهاتف، يفتحون الكتاب، أو القارئ الإلكتروني. فالقراءة ممكنة أثناء الوقوف في طابور أو في غرف الانتظار أو أثناء التنقل بالقطار.

بلا مهارات

وبعيداً عن إشكالية الوقت، يسوق آخرون أن السبب هو إمكانية مشاهدة فيلم، إذ يريد الناس طريقة بسيطة وسهلة للاستمتاع. والفيلم أسرع وأكثر جاذبية. فضلاً عن أنه يتضمن مجموعة من المحترفين الذين يساهمون في التمثيل والموسيقى وتصميم المشاهد وما إلى ذلك، ما لا يمكن الحصول عليه في كتاب. لكن غالباً يردد عشاق الكتاب «الكتاب أفضل».

بالإضافة إلى أن معظم الناس الذين لا يحبون القراءة ليس لديهم مهاراتها الكافية، ومن أهمها «القراءة بسرعة مقبولة»، وهو ما يشدد عليه تقرير في موقع thebookbuff، ف «إذا كان الفرد قادراً على القراءة بوتيرة بطيئة جداً، فإنه حتماً سيحبط، وسيكرهها لأنه يراها نشاطاً غير ضروري يستغرق وقتاً».

أسباب كثيرة يمكن التوقف أمامها، هنا يمكن أن نشير في عجالة إلى أمرين الأول الظروف الاقتصادية وغلاء أسعار الكتب، مما يجعل من عملية القراءة عبئاً إضافياً، لكن لحسن الحظ الحل سهل، سواء في الكتب الإلكترونية المجانية أو اللجوء إلى المكتبات العامة.

وما أن يصل الفرد إلى هذه المكتبات، واقعية أو افتراضية، يطل سؤال آخر: ماذا أقرأ؟ هناك الكثير من الكتب. كل عام، إذ ينشر مليون و600 ألف كتاب في الولايات المتحدة وحدها، فماذا يختار القارئ؟ ببساطة يجيب الكاتب مايكل كرونك في موقع sartorialgeek «اقرأ ما تريد» و«إذا كنت تحب روايات الجريمة، اقرأها. إذا كنت تحب الروايات الرومانسية، أو الملاحم الخيالية، فاقرأها. نقطتي هي، فقط اقرأ ما يجعلك سعيداً، وليس ما تعتقد أنه يجب عليك قراءته».

التدرج حلًا

من العوامل التي تؤدي إلى كره القراءة، خاصة مع الطلاب، أن يقبل القارئ على لا ما يمكن تذكره أو فهمه بالكامل. وكشفت دراسة أُجريت في إحدى جامعات الغرب الأوسط الأمريكي أن أقل من 50٪ من الطلاب الذين جرى تكليفهم بمهام تتضمن القراءة، أفادوا بأنهم قرؤوا المهام بالفعل. واستطاع 55٪ فقط منهم أن يُظهروا لمعلميهم «فهم الكتاب على نحو صحيح».

تجدر الإشارة هنا إلى ضعف المناهج التعليمية واعتمادها على التلقين، وضعف المستوى التعليمي، فضلًا عن عجز المنظومة التربوية والتعليمية في غرس شغف القراءة وتجذيره في نفوس الأطفال بالتدريج.

بالنسبة للأطفال، يقدم موقع understood رؤية حول أسباب عزوف الصغار عن القراءة. وفي تقريرها تتساءل الكاتبة إليزابيث بابين: هل تجد نفسك تستمع لشكوى لا تنتهي، أو حتى تشاهد طفلاً يركض ويختبئ لتجنب القراءة؟ إذا أجبت بنعم، فأنت لست وحدك. تعاني عائلات كثر بجانب المعلمين مما يسميه الخبراء «تجنب القراءة». قد يعرف الأطفال كيفية القراءة لكنهم يرفضونها.

وتتوقف بابين حول ما يمكن أن يساعد في فهم سبب عدم رغبة الطفل في القراءة، وفي معرفة كيفية تشجيع الوالدين لصغارهم، معرّجة على الأسباب التي تقف حائلًا أمام إقبال البنين والبنات على الاطلاع.

أول هذه الأسباب، هي «شكل الكتب لا يهمهم»، إذ تعد الوسائط الاجتماعية وألعاب الفيديو ومقاطع الفيديو السريعة عبر الإنترنت منافسة قوية لتجربة قراءة كتاب من الورق والحبر. ويحتاج الأطفال إلى الكبار لمساعدتهم على الإبطاء قليلاً وتخصيص وقت للقراءة.

وتنصح بابين، أرباب الأسر بتحديد مقدار الوقت الذي يمكن للأطفال أن يقضيه على الشاشات كل يوم. وأن يكون مبدعاً مع تنسيقات الكتب. على سبيل المثال، تعد الروايات المصورة طريقة رائعة للتغلب على التردد، ويمكن أن تساعدهم في بناء مهارات الاستيعاب أيضاً.

أما ثاني الأسباب «ليسوا مهتمين بالموضوع»، وربما تسمع الأمهات «الكتب مملة» لكن ما يود الطفل قوله حقاً هو «أحتاج إلى المساعدة في العثور على شيء لقراءته يكون ممتعاً بالنسبة لي». وفي بعض الأحيان، يوجّه البالغون ذوو النوايا الحسنة الأطفال بعيدًا عما يريدون قراءته، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحفيز الطفل. ما يتطلب عصفاً ذهنياً مع أمين مكتبة أو المعلمين أو الأقران من الصغار للعثور على كتب أو مواضيع جذابة.

«لا يرون هدفاً من القراءة» عبارة تلخص السبب الثالث، ومن المحتمل ألّا يشعر الأطفال الذين لا يحبون القراءة بمتعة الضياع في سحر القصة أو تعلم شيء جديد حول موضوع مفضل. لذلك قد يبدو الاطّلاع وكأنه تتطلب الكثير من العمل دون سبب معين. هنا، تنصح الكاتبة الأمريكية باختيار كتب أعلى من مستوى قراءة الطفل لقراءتها بصوت عالٍ. مما يساعد على بناء مهارات الاستيعاب.

وفي بعض الأحيان يتوقف الأطفال عن الاستمرار عندما يرون صفحة طويلة مليئة بالنصوص. قد يبدو الاضطرار إلى تجاوز كل هذه الجمل مثل الجري في ماراثون أو تسلق جبل إيفرست، وهو سبب رابع تصفه بابين ب «قراءة كتاب تشعر بالارتباك». مما يوجب على اﻵباء والأمهات أن يجربوا تداول الصفحات وأنت تقرأ بصوت عالٍ لبعضهما بعضاً. هذا يمكن أن يجعل القراءة أكثر سهولة.

وقد ينجذب الأطفال إلى الكتب الأكثر صعوبة التي تبدو رائعة؛ وذلك لأن الأطفال الأكبر سنًا يقرؤونها، ويلتقط الكثير من القراء الصغار هاري بوتر، على سبيل المثال، عندما لا يكونون مستعدين للتعامل معها بأنفسهم، أي أنهم «يختارون الكتب الصعبة» كسبب خامس، والحل هنا في العثور على كتب للأطفال لقراءتها بشكل مستقل أسهل عندما يعرف الوالدان مستوى قراءة صغارهم.

العائلة أولاً

بجانب الأسباب الشخصية، تأتي أسباب عائلية وتعليمية، منها عدم اهتمام الآباء بالقراءة وانعدام النموذج السلوكي في ذلك، هنا يؤكد موقع «my reading world» إذا كانت الأسرة لا تحب القراءة، فإن الفرد يعيش في بيئة لا تمكنه من التفاعل مع الكتب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/wb4ca9ub

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"