عادي
الروائي الفائز بجائزة العويس الثقافية نبيل سليمان:

النقد الأدبي العربي.. درس جامعي قاصر

22:18 مساء
قراءة 4 دقائق
نبيل سليمان

حوار: نجاة الفارس

أكد الروائي نبيل سليمان الحاصل على جائزة العويس الثقافية لهذا العام، أن الفوز يجعل الكاتب يجدد العزم على مواصلة الكتابة حتى نهاية العمر، وقال:«طوال عمري كنت أتمنى أن أظل كاتباً شاباً، لا يرتوي من القراءة والكتابة، والصداقات والأسفار والمعارف، فلا كتابة من دون أضعاف أضعافها من القراءة». وأوضح ل«الخليج» أن الكثير من الأعمال الأدبية الصادرة الآن يتسم بالسطحية، وأن النقد تحول في معظمه إلى درس جامعي قاصر.

* ماذا يمثل لك الفوز بجائزة العويس الثقافية؟

- يطوي عمل الكاتب ليله في نهاره، ولمثلي أن يقول إنه عمل ليل نهار أكثر من واحد وخمسين سنة مضت على صدور روايتي الأولى، وما أكثر ما يواجه الكاتب، خصوصاً في (بلاد العرب أوطاني) وما يشبهها، النكرانَ والعنت بمختلف الأشكال، حتى إذا جاءته جائزة مثل جائزة العويس الثقافية، يكون للكاتب أن يجدد العزم على مواصلة الكتابة حتى نهاية العمر، متابعاً الوفاء للجميل، ويكفي جائزة العويس الثقافية أن تكون كذلك لمن تكرمهم من دورة إلى دورة، كي تثري الحياة الثقافية.

* بعد مرور 5 عقود على رحلتك مع الكتابة ما الكلمة التي توجهها للشباب؟

- أنّى لي أن أوجّه كلمة لشباب الكتّاب، وأنا أعدّ نفسي واحداً منهم، هل يعني أن تكون في السبعين، أو ما دمت حياً، أنك صرت عجوزاً في الشعر أو القصة؟ طوال عمري كان أملي أن أظل كاتباً شاباً، لا يرتوي نهمه للقراءة والكتابة، للصداقات والأسفار والمعارف، وإن لم يكن بدّ من كلمة فحسبي أن أستذكر ما نشأت عليه منذ كنت في الدراسة الإعدادية، من (هوس) بالقراءة، فلا كتابة من دون أضعاف أضعافها من القراءة، وبالنسبة إلى من يكتب الرواية، ليس للقراءة من تخصص، الرواية تنادي القراءة في الرواية والشعر والقصة والنقد والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس و... والرواية تنادي الموسيقى والفن التشكيلي، كما تنادي الرحلات والعلاقة الخاصة مع الطبيعة، جبلاً وبحراً وصحراء وغابات و... والرواية الشجاعة والصبر، وكلما تراءى للكاتب أنه قد طوى من الشباب والسنين ما يرميه في الكهولة أو الشيخوخة، عليه أن يضاعف من كل ما تقدم كي يستعيد شبابه، أو يحافظ عليه، أو ينمّيه، ولا أدري هل يصلح مثل هذا القول أن يكون كلمة يوجهها كاتب يدق أبواب السابعة والسبعين لكاتب في العشرين، أو الثلاثين؟.

طوفان

* ما رأيك في أعمال الكتاب الجدد؟

- على الرغم من ادعائي بأنني أتابع بانتظام وبكثرة أعمال الكتاب الجدد، ليس في الرواية فقط، بل في مختلف الأجناس الأدبية، وفي الفنون والدراسات الأدبية والفكرية، أقول الحق إنه يذهلني ما أشاهده من كثرة لأعمال الكتاب الجدد، ولكن يؤذيني أيضاً كثرة ما في هذه الأعمال من زبد، من سطحية وادعاء وجهالة واستسهال، وهذا ما يدفع بعض المعمّرين الذين رسخت أقدامهم في مضمار إبداعي أو فكري إلى العويل واليأس، ورثاء زمنهم (الجميل)، لكن رؤيتي للأمر تختلف، فعندما أرى طوفان الرواية، عندما أرى 200 رواية صدرت في السنة الواحدة، ومن بينها 10 فقط ترقى لمستوى متميز ورفيع فهذا يستحق البهجة والاحتفال، وهذا يعني أنه سيكون لدينا في عشر سنوات 100 رواية عربية متميزة، بالطبع هذا لا يكفي لكنه ليس بالقليل.

مكمن السر

* حازت روايتك «مدارات الشرق» على المرتبة 20 في قائمة أفضل مئة رواية عربية، أين يكمن السر في كتابة رواية جميلة ومؤثرة؟

- لو كنت أعرف السر في كتابة رواية جميلة ومؤثرة، لما بحت به، فالنقد علّمني بعض هذا السر، لكن مهما علمت منه يظل سراً، قد يتبدى في بناء الشخصية، في تعدد اللغات الروائية، في العمارة الروائية، وفي غير ذلك مما أسفرت عنه الروايات الخالدة من سرّها، لكن هذا السر المستتر المكنون بالدر لا يفتأ يتجدد مع كل رواية جميلة ومؤثرة.

* إلى أي مدى نستطيع مواجهة التطرف والإرهاب بالآداب والفنون ؟

- للأسف تظل مواجهة الإرهاب والتطرف، كيفما كان، مواجهة محدودة على الرغم من أنها قد تودي برقبة الكاتب، أو الفنان، أو المفكر، ولكن بعض الآداب والفنون تظل شوكة تنخر حلق الإرهابي، أو المتطرف.

* كيف تنظر إلى حالة النقد في الوطن العربي؟

- بعض النقد تحوّل إلى درس جامعي قاصر، وبعضه تحوّل إلى لغط صحفي، وأقلّه، سواء في الجامعة أو في الصحافة، ما يرقى إلى مستوى النصوص الرفيعة الخالدة.

* تفرغت للكتابة منذ وقت مبكر هل نستطيع أن نعتبر ذلك من العوامل التي ساهمت في نجاح مسيرتك الأدبية؟

- بالتأكيد، من لم يتفرغ لا يعرف لذة القراءة والكتابة، وإذا كان لا يفوتني ما في هذا القول من تعميم لا يصح دوماً، فالتعميم لغة الحمقى، لكني أشدد على أن انشغال الكاتب بتحصيل لقمة العيش مثلاً، يقتطع من عمره ما يقتطع، ويجهض من طاقته ما يجهض، ومن ناحية أخرى فالتفرغ يحتاج إلى إرادة صلبة تتجلى في أمرين، الأول هو تواضع الأحلام المادية، والاقتناع بالقليل النظيف والشريف، والأمر الثاني هو الصرامة في تنظيم الوقت والعمل، فهناك من التفرغ ما يفلس الكاتب، مادام حراً في أن ينام متى يشاء أو يستيقظ متى يشاء، مثلاً لولا التفرغ منذ 30 سنة، لا أظن أنني كنت سأنجز نصف ما أنجزت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"