عادي

عذب الكلام

23:56 مساء
قراءة 3 دقائق
لوحة للفنان محمود عاطف

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

المجازُ الْمُرسَلُ: كلمةٌ اسْتُعْمِلَتْ في غَيْر مَعناها الأصْليِّ لعلاقةٍ غير المشابهةِ مَعَ قرينةٍ مانعةٍ من إِرادةِ المعنَى الأصْليِّ؛ كقول المتنبّي:

وَالأعوَجيّةُ مِلءُ الطُّرْقِ خَلفَهُمُ

وَالمَشرَفِيّةُ مِلءُ اليوْمِ فَوْقَهُمُ

يصف إحاطة جيوش سيف الدولة بأَعدائه.

وقول ابن الزَّيات في رثاءِ زوْجه:

أَلاَ منْ رأى الطِّفْلَ المُفارقَ أمَّه

بَعِيدَ الكَرى عَيْنَاهُ تبتدرانِ

دُرر النّظم والنّثر

ابتسام السَّنا

رعد أمان (بحر البسيط)

من أولِ الحاءِ حتى آخِرِ الباءِ

أُحبُّها فهي أنفاسي وحوبائي

أنا الذي في محاريب الغرام جَثا

يرنو إلى نجمةٍ في أوْجِ علياءِ

ما رتَّلَ الشوقَ آياتٍ وجَوَّدَها

إلا تهادى على حُلمٍ بإسراءِ

وحدي وكلُّ نُهورِ الحب تملؤني

ولم أزَل ظامئاً أهفو لإرواءِ !

يا من إذا خَطَرتْ فوق التراب نَما

من خطوِها زهرُ موسيقى ولألاءِ

ومَن تُطرِّزُ ثوبَ الليل مِشيتُها

بأنجمٍ وتُوشِّيهِ بأضواءِ

أنتِ ابتسامُ السَّنا في عِزِّ بهجتِهِ

ولستُ شيئاً أنا يا كلَّ أشيائي

وأنتِ ما قالهُ وحيٌ لصادحةٍ

فغرَّدَتْ بهِ في أحضانِ غَنّاءِ

لولا حياءٌ بها من طبعِها لرنَتْ

إليهِ لكنها تسمو بإغضاءِ

سبحانَ مَن زانَها إذْ زادَها خجلاً

كأنَّ عفَّتَها الفِردوسُ للرائي

من أسرار العربية

فروق لغوية: بَيْنَ الإذن والإجازة؛ الإذن: هو الرخصة في الفعل قبل إيقاعه. والإجازة: الرخصة في الفعل بعد إيقاعه. بَيْنَ الإرادة والمشيئة؛ الإرادة هي العزم على الفعل، أو الترك بعد تصور الغاية المترتبة عليه من خير أو نفع، أو لذّة ونحو ذلك، وهي أخص من المشيئة، لأنّ المشيئة ابتداء العزم على الفعل، فنسبتها إلى الإرادة نسبة الضعف إلى القوة. وقد يشتهي الإنسان ما لا يريده، كالأطعمة اللذيذة بالنسبة إلى العاقل الذي يعلم ما في أكلها من الضرر. وقد يريد ما لا يشتهيه كالأدوية الشنيعة النافعة. بَيْنَ الإطْراءِ والْمَدحِ: الإطْراء هو والْمَدحُ في الوجه، ومنه قولهم الإطراء يورثُ الغَفْلة يريدون والْمَدحَ في الوجه، والْمَدحُ يكونُ مواجهةً وغير مواجهةٍ. بَيْنَ الإطناب والإسهاب: الإطنابُ هو بسطُ الكلام لتكثير الفائدة، والإسهابُ بَسْطهُ مع قلة الفائدة؛ فالإطنابُ بلاغةٌ والإسهابُ عَيّ، والإطنابُ بمنزلةِ سُلوك طريقٍ بعيدةٍ تحتوي على زيادة فائدة، والإسهابُ بمنزلةِ سلوكٍ ما يعدّ جهلاً بما يقرب. بَيْنَ الإقرار والاعتراف: الإقْرار: هو التكلّم بالحقّ، اللّازم على النّفسِ، مع تَوْطين النّفس على الانقياد والإذعان. والاعترافُ: هو التكلّم بذلك وإنْ لم يكن معهُ توطين، أو إن الاعتراف هو ما كان باللسان، والإقرار قد يكون به، وبغيره.

هفوة وتصويب

من الأخطاء الشائعة قولُهم: «أجابَ على السؤال»، والصّوابُ: «أجاب عن السؤال»، لأنّ الفعل «أجابَ» يقتضي استعمال «عَنْ» لإفادة الإيضاح والإبانة. وتجيء عن بمعنى على كما في قول القحيف:

إذا رَضِيَتْ عليّ بنو قشير لَعَمْرُ الله أعْجَبني رِضاها

ويقول بعضُهم «ثَمَّة طُرُق كثيرة لحلَ هذا الأمر (جَمْعاً ل«طريقة») والصحيح «ثمّة طَرائق»، لأن طُرُق جمعُ طَريق.

يقول بعضُهم: «تَفاجَأْتُ بالأمر»، والصّواب «فُوجِئْتُ بالأمر»، لأنّ المفاجأة لا تكون بفعل الشخصِ نفسه، بل بفعلٍ خارجٍ عنه، ولذا لا يأتي الفعل إلّا مبنياً للمجهول. ومثلُه «انْدَهَشْتُ»، والصواب «دُهِشُتُ».

يقول بعضُهم: «وقد حاز على الجائزة»، والصواب: «حازَ الجائزةَ»، لأنّ حازَ، معناهُ ضَمَّ أو جمعَ، وهو يتعدّى بنفسه.

من حكم العرب

بقَدْرِ الكدّ تُكْتَسَبُ المَعَالي

ومَنْ طَلَبَ العُلَى سَهِرَ اللّيالي

ومن طَلَبَ العُلَى من غَيْرِ كَدٍّ

أضاعَ العُمْرَ في طَلَبِ المُحَالِ

البيتان لأحمد شوقي، يؤكد فيهما أن المعالي والقدر الرفيع والمكانة السامية، لا تأتي إلّا بالسهر والكدّ والتعب، أما من يطلب ذلك من غير كدّ، فإنّه يضيع عمره هباءً. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"