عادي

«السياسة».. مصطلح مراوغ

16:13 مساء
قراءة دقيقتين
القاهرة: الخليج
منذ أن بدأ انتظام الفرد في مجتمع يتبادل الناس فيه المنافع، نشأت السياسة، فالمجتمع ما هو إلا مجموعة من الأفراد يعيشون معاً، وتنشأ بينهم علاقات تحتم عليهم، خلق نوع من التنظيم، يساعدهم على التطور والنمو، وتوفير أسباب الأمن والحماية لكل منهم، والإنسان هو صنعة المجتمع، فيه يولد وينمو، ومنه يستقي قيمه ومثالياته التي تشكل رأيه وفكره وضميره، وهو لا يعيش فيه منعزلاً؛ بل منخرطاً في علاقات متنوعة مع أقرانه.
ولما كانت كلمة «سياسة» ترتبط بتجمع الأفراد في جماعة تتبادل المصالح، فمعنى ذلك أن الإنسان والمجتمع والسياسة ظواهر متلازمة؛ حيث لا يعرف التاريخ إنساناً عاش في عزلة تامة عن المجتمع، ولا جماعة عاشت بلا سلطة بشكل أو بآخر، أي أن المجتمع ليس سابقاً لوجود السياسة، ولا السياسة لاحقة على وجود المجتمع، وإنما يصاحب قيام المجتمع انقسام الناس إلى فئة حاكمة وأخرى محكومة، وتنظيم العلاقة بين هاتين الفئتين هو أهم وظائف السياسة.
يشير د. أمين حافظ السعدني في كتابه «دراسة السياسة» إلى أنه على الرغم من أن السياسة قديمة قدم الإنسان نفسه، وأنها من أعرق ضروب الفكر البشري، وعلى الرغم من أن كلمة «سياسة» من أكثر الكلمات تداولاً بين الناس، على مختلف طوائفهم وتنوع مشاربهم وتباين مذاهبهم، وأن هذا المصطلح من أكثر التعبيرات شيوعاً بين العامة والخاصة على السواء، فإنه من اللافت للنظر أننا لا نستطيع بسهولة أن نحدد لها تعريفاً جامعاً مانعاً.
*فن التدبير
يبدأ الكتاب بالتعريف اللغوي لكلمة «سياسة» وهي مكونة وفقاً للمصطلح اليوناني القديم من شقين: المدينة، وفن التدبير، فتكون السياسة بهذا المعنى هي فن إدارة المدينة (المدينة الدولة أو دولة المدينة وهي الوحدة السياسية التي كانت شائعة في العصر الإغريقي) وقد اختلف الكتاب العرب في تحديد أصل كلمة سياسة؛ حيث رأى البعض أنها كلمة دخيلة على اللغة العربية، بينما اتجه جمهور الكتاب إلى التأكيد على عربيتها.
السياسة أحد فروع العلوم الاجتماعية، ويختص بدراسة العلاقة بين الحكام والمحكومين في ظل الهيئة الاجتماعية الكبرى، التي ينتظمون تحتها، والتي تسمى دولة، غير أنه ينبغي أن نحدد أولاً معنى العلوم الاجتماعية، حتى يتبين لنا موضع السياسة كرافد ضمن روافد متعددة، تصب كلها في بوتقة هذه العلوم، فالعلوم الاجتماعية هي تلك العلوم التي تهتم بدراسة الإنسان وسلوكه في المجتمعات المختلفة، وتحاول الكشف عن المبادئ التي تقوم عليها حياة الفرد وعلاقاته كعضو في مجتمع، وذلك في مقابل العلوم الطبيعية، التي تهدف إلى الكشف عن أسرار الطبيعة وظواهرها بأسلوب أو منهج علمي تجريبي صارم.
في كل الأحوال فإن البعض يرى أن الصراع هو خلاصة العمليات السياسية كلها، ذلك لأن الكائنات البشرية تتنوع أصولها الثقافية، وتختلف ميولها واهتماماتها نوعاً وعمقاً، ثم إن الثروات الطبيعية التي يمتلكها المجتمع محدودة ومن ثم فهي غير كافية لسد حاجات القوى البشرية المتزايدة في المجتمع، ولذلك فمحاولة السيطرة على هذه الموارد أمر غالب الحدوث، وهذه المحاولات هي التي تخلق الصراع بين الأفراد والجماعات والمنظمات؛ بل والدول المختلفة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"