عادي

عقوق الآباء..وجه آخر للعنف الأسري

22:47 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني
حذر علماء الآباء من ممارسة القسوة والعنف ضد أبنائهم وحرمانهم من حقوقهم الشرعية، والتفرقة بينهم وبين أشقائهم في العطايا والمشاعر الأبوية. وأكدوا أن التسوية بين الأبناء أحد أبرز واجبات الآباء حتى يحموا أولادهم من العنف، وكل أشكال الجرائم الأسرية التي طفت على سطح حياتنا الأسرية والاجتماعية في العديد من البلاد العربية.

1

ذهبنا لعدد من علماء الشريعة الإسلامية والطب النفسي للاستنارة بموقف الشرع مما تعانيه بعض الأسر وما ينتهي به حال بعض الآباء والأبناء نتيجة العقوق المتبادل، فكانت هذه نصائحهم.

يؤكد د.محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن «العنف الأسري في بعض البلاد العربية أصبح ظاهرة مزعجة، إذ وجدنا الآباء والأمهات الذين يقتلون أطفالهم بدم بارد، كما تعددت جرائم قتل الآباء والأمهات على أيدي أبنائهم، وهذا مؤشر لوجود خلل كبير في القيم والمشاعر الإنسانية داخل بعض الأسر. ومثل هذه المشكلات لا ينبغي أن نتعامل معها على أنها حالات شاذة، لأنها تتكاثر وتتكرر، وتحتاج إلى تحليل نفسي واجتماعي موضوعي، للوقوف على أسبابها الحقيقية، وتوعية المجتمع بطرق المواجهة».

ويرى د. المهدي أن عنف الأبناء ضد الآباء يمثل زلزالاً يهز كيان الأسرة، لأنه يتصادم مع تعاليم وثوابت دينية، كما أنه ضد الفطرة والطبيعة الإنسانية، لكنه، في المقابل، يؤكد ضرورة تأهيل كل الآباء نفسياً للتعامل السوي مع أولادهم، فلهم أيضاً حقوق.

ويضيف: نرتبط ارتباطاً وثيقاً بديننا الذي يأمرنا ببر الوالدين، والإحسان إليهما، وهذا البر والإحسان سلوك يؤكد الارتباط النفسي والوجداني بين الأبناء وآبائهم، ومن يخرج عن هذا النسق الاجتماعي فهو شاذ في سلوكه، وعلينا أن نقف على الأسباب التي دفعته إلى ذلك ونعالجها.

ورغم إدانته لكل صور العنف ضد الآباء والأمهات، وقناعته بعدم وجود ما يبرر هذا السلوك الإجرامي؛ يطالب د.المهدي كل الآباء والأمهات بمراجعة سلوكهم مع أولادهم، وعدم التمييز بينهم، ومحاولة احتوائهم بكل الوسائل، والتعامل النفسي الصحيح معهم، وإزالة ما قد يعلق بعقولهم من توهم كراهية أو تمييز، والعفو عن زلاتهم.

حقوق

د. نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر يدين سلوك كل ابن يتعامل بقسوة مع والديه. ويقول: مهما فعل الأب أو خرج عن هدي الإسلام في التعامل مع أبنائه لا يجوز شرعاً رد قسوته بمثلها، ولا الاعتداء عليه بما يؤذي مشاعره أو يسبب له أذى بدنياً، أو يؤدي إلى إزهاق روحه كما نقرأ من وقت لآخر في أخبار وقصص الجرائم.

وبعيداً عن جرائم الأبناء ضد الآباء بمبررات مرفوضة، يوجه د.نظير عتاباً لكل أب أو أم يقسوان على بعض أبنائهما، أو يحرمانهم من حقوقهم الشرعية. ويقول: كما أوجب الإسلام حقوقاً للآباء والأمهات على أولادهم أوجب أيضاً حقوقاً للأبناء على الآباء لا يجوز التقصير فيها، بل اعتبرها الإسلام من الواجبات حرصاً على الأبناء وحماية لهم حتى يصبحوا بالغين وقادرين على تحمل المسؤولية. ولم يجعل الله تعالى هذه الواجبات تبعاً للعواطف والغريزة الفطرية، وإنما نظّمها بقوانين وأحكام ملزمة، تحفظ للأبناء جميع حقوقهم؛ من تربية جيدة وتنشئة على أسس دينية وأخلاقية، وحفظ نسبهم، والإشراف على أموالهم والعدل بينهم في العطية، ليجنبوا أنفسهم وأولادهم جرائم كثيرة وأحقاداً تتوارث.

مسؤولية

د. عباس شومان، أستاذ الشريعة الإسلامية والمشرف العام على لجان الإفتاء بالأزهر، يدين ما يحدث من جرائم الآباء ضد أبنائهم، أوالعكس، ويرى أنها في الحالتين تجسد أبشع صور العقوق. ويقول: الإسلام حث الآباء على إحسان تربية أبنائهم على الفضائل والسلوك الحميد وجعل ذلك من مسؤولياتهم التي سيحاسبهم الله عنها إذا ما قصروا فيها، لكن هذه المسؤولية لا تعني أبداً استخدام القسوة.

ويضيف: قد يصدر من الابن سلوك غير مرغوب فيه تجاه أبيه أو أمه، وهنا ينبغي على الوالدين أن يعالجا ذلك بالرفق واللين، لأن العنف يولد العناد، ولا تقوم تربية صحيحة ومثمرة عليه. ومعالجة عنف الأبناء وعقوقهم تجاه آبائهم لا يكون بمثلهما، بل بالنصيحة المخلصة، وتوضيح ما أمر به الله ورسوله من وجوب طاعة الوالدين.

ويوضح د. شومان أن عدالة الإسلام في رسم علاقة متوازنة اقتضت أن جُعل للآباء على الأبناء حق الطاعة في غير معصية الخالق عز وجل، والبر بهم والإحسان إليهم، فإذا وَفى بها الأبناء كانوا بارين بآبائهم وأمهاتهم، وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهم. وفى مقابل ذلك جعل الإسلام للأبناء على الآباء كثيراً من الحقوق؛ إذا ما وفوا بها كانوا بارين بأبنائهم، وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهم أيضاً، وهذا العقوق يستوجب الإثم والعقاب من الخالق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msm27s8d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"