عادي

سحر المقهى

22:56 مساء
قراءة دقيقتين
ميسون أبوبكر

ميسون أبوبكر
للمقاهي قصة قد تطول، مطعّمة بنكهة المكان والزمان، ارتبطت عبر أزمنة مختلفة بروادها من المثقفين واكتنزت بما يدور فيها من حوارات ثقافية واقتصادية وسياسية، خلّدتها تلك الحكايات التي ألهمت أدباء وكتّاباً وكانت خلاصة رواياتهم وإبداعاتهم.

وبعيداً عن نشأة المقاهي الأدبية وهل هي أوروبية أو عربية وهو الأرجح، فقد كانت سمة للحياة حيث ازدهر فيها الأدب والفن وانتشرت الثقافة، وهي ملتقى الأدباء بل عناوين لوجودهم سواء العابرين لمنطقة ما أو المقيمين فيها، وكانت بمثابة الصالونات والأندية الأدبية التي ولدت من رحمها الإبداعات والفنون والمماحكات النقدية عبر العصور.

إذا سألت عن عنوان الشاعر الكبير محمد الماغوط ستحصل على وصف لمكان المقهى الذي كان يجلس فيه أغلب وقته، وإن قرأت روايات نجيب محفوظ ستشي لك عن المقهى الذي كان يرتاده ويستلهم منه تفاصيل الحارة ومعالم وجوه المارين والمعتكفين فيه سواء في الإسكندرية أو القاهرة، والفيشاوي أشهرها والذي بقيت له شهرته حتى وقتنا هذا.

وإن زرت مقاهي سان جيرمان في الحي اللاتيني بباريس ستتبع أنفاس كتابات من كان يجتمع فيه من أدباء ومثقفين وتستدل على تفاصيل شخوصها التي ولدت هناك.

للقهوة سرها الذي أضفى على المقاهي هذا السحر، وهذا يذكرني بكتاب ستيوارت لي ألن «القهوة القوة المحركة للتاريخ».

أكاد أجزم أن كل الشعراء كتبوا ولو قصيدة عن المقهى.. المكان الحميم بالنسبة لهم، الذي ينزوون فيه عن عالمهم هاربين لعالم آخر وشخوص آخرين يلتقونهم فيه بلا موعد.

لذلك حرص المخلصون لتلك المقاهي على ألا تغلق أو تتحول لمطاعم ومحال تجارية كما حدث لمقهى كلوني في باريس، وسعت بعض وزارات السياحة في الدول العربية إلى احتواء المقاهي الثقافية كي لا تغلق أو تُحول لمنشآت أخرى، فهي إرث أدبي يُذكّر بثقافة المكان والإنسان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wspwbw3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"