عادي

العناد

02:26 صباحا
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري
العناد صفة موجودة لدى أغلب البشر دون استثناءات، وبدرجات متفاوتة، كما أنّه من صور التّمسّك بالرّأي، سواء أكان جيّداً أم سيّئاً، لدرجة يجعل العناد الإنسان رافضاً لفكرة التّعلّم والتّعليم، وكذلك رفض الآخر وعدم تقبّله.

العناد سلاح ذو حدّين؛ عناد إيجابيّ وعناد سلبيّ، ومتى كان العناد إيجابيّاً شكّل سلوكاً صحيحاً، كتمسّك الإنسان بالحقّ والأخلاق، في حين تشبّثه بقراراته الخطأ المدمّرة له ولمن حوله، أفراداً أو مجتمعاً، هو عناد سلبيّ قد يتسبّب بمشاكل كبيرة واضطرابات نفسيّة تتطوّر، لأنه يفقد الإنسان سلامه الدّاخليّ، كما تتعاظم بذرة الأنا الدّاخليّة لديه، ليجد نفسه على حقٍّ دائماً، متجاهلاً آراء الآخرين مهما بدت سليمةً، ممّا يبعث على الحقد والكراهية تجاه من يعارضه، لاعتقاده أنّ كل من يخالفه ولا يتّفق مع آرائه وأفكاره ولا تتطابق وجهات نظرهم على أنّه سلوك موجّه ضدّه، محوّلاً النّصائح لخلافات، وجاعلاً من النّقد البنّاء نقداً جارحاً؟

في كثير من الأوقات يصبح هدف هذا السّلوك هو الهدف الأساسيّ الّذي من خلاله تتمّ المخالفة وإضاعة الوقت وعدم استثماره بما يفيد، متجاهلاً أنّ الدّنيا قصيرة وعليه استغلالها بالشّكل الأمثل، لينعم بحياة طويلة باقية ألا وهي الآخرة.

وللعناد صور كثيرة، كالعناد بين الأولاد، وأيضاً بين الزّوجين، وتصلّب كلّ منهما برأيه الخاصّ، مّا يدفع حياتهما إلى طريق شائك قد ينتهي بالطّلاق بينهما، لاعتقاد كلّ طرف منهما صحّة رأيه دون الاستماع إلى الرأي الآخر ومناقشته. وهنا ينبغي أن يتمتّع كلّ منهما بالحكمة في النّقاش والحكمة في اتّخاذ القرار الصّحيح دون تحيّز، إنّما الغاية هي الفائدة القصوى، وحتّى لا ينتقل هذا التّصرّف للأولاد فيصبح الاستبداد بالرأي وسيلتهم الوحيدة للحصول على مآربهم.

على كلّ من يمتلك صفة العناد أن يسعى جاهداً إلى التّخلّص منها، واستبدالها صفات أفضل بها، وأيضاً منح الآخرين الاهتمام والحبّ والتّقدير، والعمل على مراعاة وتوفير الهدوء، والتّصرّف بذكاء، لامتصاص غضب من أمامه، والعمل على تجنّب النّزاع غير المجدي، واتّباع أسلوب الحوار، واحترام الرّأي والرّأي الآخر، مع تجاهل الأمور السّلبيّة، والتّحلّي بالتّسامح، ليرتقي الإنسان بأفكاره، ويرسم لنفسه وعائلته لوحة فنّيّة من التّفاهم والرّقيّ بعيداً عن الأنا، حتّى يكون شخصاً إيجابياً يقبل النّقد البنّاء، ومن ثمّ نراه يتطّور ويطوّر مجتمعه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2sh7z6hv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"