عادي

عذب الكلام

00:41 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

قد تخرج ألفاظ النّداء عن معناه الأصلي إلى معانٍ أخرى، تُفهم من السِّياق، بمعونة القرائن، منها: الندبة، كقول المعرّي:

فواعجباً كم يدَّعي الفضلَ ناقصٌ

ووا أسفاً كَمْ يُظْهِرُ النّقْصَ فاضِلُ

والتحسُّر والتَّوجُّع، كقول الحسين بن مطير الأسدي:

أيا قَبْرَ مَعْنٍ كَيْفَ وارَيْتَ جودَهُ

وقَدْ كانَ مِنْهُ البرُّ والبَحْرُ مُتْرعاً

والتَّذكر، كقول ذي الرّمّة:

أَيا مَنْزِلَيْ مِيِّ سَلامٌ عَلَيكُما

هَلِ الأَزمُنُ اللّائي مَضَينَ رَواجِعُ

والزجر - كقول الشاعر:

أفؤادي مَتى المَتابُ ألمَّا

تَصْحُ والشَّيْبُ فَوْق رأسي ألَمَّا

دُرر النَّظم والنَّثر

جَمالَكَ أَيُّها القَلبُ

أبو ذؤيب الهذلي

(بحر الوافر)

جَمالَكَ أَيُّها القَلبُ القَريحُ

سَتَلْقى مَن تُحِبُّ فَتَستَريحُ

نَهَيْتُكَ عَن طِلابِكَ أُمَّ عَمْرٍو

بِعاقِبَةٍ وأَنْتَ إِذٍ صَحيحُ

وما إِنْ فَضلَةٌ مِنْ أَذرِعاتٍ

كَعَينِ الدّيكِ أَحصَنَها الصُروحُ

ولا مُتَحَيِّرٌ باتَت عَلَيهِ

بِبَلقَعَةٍ يَمانِيَةٌ تَفوحُ

بِأَطيَبَ مِن مُقَبَّلِها إِذا ما

دَنا العَيّوقُ وَاكتَتَمَ النُبوحُ

من أسرار العربية

في تَفْصِيلِ الأمْوَالِ: إذا كانَ المالُ مَوْروثاً: تِلادٌ. مكْتَسَباً: طَارِف. مَدْفُوناً: رِكَازٌ. لا يُرْجَى: ضِمارٌ. ذَهَباً وفِضَّةً: صَامِتٌ. إِبلاً وغَنَماً: ناطِقٌ. ضَيْعَةً ومُستَغَلّاً: عَقَارٌ.

وفي تَفْصِيلِ الغِنَى وتَرْتِيبِهِ: الكَفافُ، ثمَّ الغِنَى، ثُمَّ الإحْرافُ، وهُو أنْ يَنْمِيَ المالُ ويكثُرَ. ثُمَّ الثَّرْوَةُ، ثُمَّ الإِكْثارُ، ثُمَّ الإِتْرَابُ، وهُوَ أنْ تَصِير أمْوَالُهُ كَعَدَدِ التُّرابِ. ثُمَّ القَنْطَرَةُ، وهوَ أنْ يَمْلِكَ القَنَاطِيرَ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ؛ وفي بَعْضِ الرّواياتِ: قَنْطَرَ الرَّجُلُ إذا مَلَكَ أرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ.

في الكَرَمِ والجُودِ: الغَيْدَاقُ: الكَرِيمُ الجَواد الواسِعُ الخُلُقِ الكَثِيرُ العَطِيَّةِ. ومثله: السَّمَيْدَعُ والجَحْجاحُ. الأرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاحُ للنَّدَى. الخِضْرِمُ: الكَثيرُ العَطِيَّةِ. الآفِقُ: الذي بَلَغَ النهايَةَ في الكرَم. اللُّهْمُومُ: الواسعُ الصَّدْرِ، والجمع لَهاميم؛ قال المغيرة بن حَبناء:

لا تَحْسَبَنَّ بَياضاً فِيَّ مَنْقَصَةً

إنَّ اللَّهاميمَ في أقرابِها بَلَقُ

هفوة وتصويب

يقول بعضهم «أَزِفَت ساعةُ السّفر»، بمعنى حلّت، وهو خطأ، وفي معاجم اللغة «أزف التَّرحُّلُ يأزف»، مثال سَمِعَ يَسْمَعُ- أزفاً وأزوفاً: أي دَنا، واقترب؛ وأنْشد الليث للنابغة الذبيانيّ:

أزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أنَّ رِكابَنا

لَمَا تَزُلْ برِحالِها وكَأنْ قَدِ

ومن معانيها الضّيقُ وسوءُ العيش؛ قال عديُّ بن زيد:

مِنْ كُلِّ بَيْضاءَ لَمْ يَسْفَعْ عَوارِضها

من المَعِيْشَةِ تَبرِيْحٌ ولا أزَفُ

كثر يخطئون في إعراب الاسم بعد «ما بالك» أو «ما باله»، فيرفعونه، فيقولون «ما بالكَ مَهْمومٌ؟». والصّواب نصبُه على الحال «ما بالك مَهْموماً»، قال قيس بن الملوّح:

وما بالُ النُّجومِ مُعَلَّقاتٍ

بِقَلبِ الصَّبِّ لَيْسَ لَها بَراحُ

كَأَنَّ القَلبَ لَيْلَةَ قيلَ يُغدى

بِلَيلى العامِرِيَّةِ أَو يُراحُ

وقال أيضاً:

فَما بالُ قَلْبي هَدَّهُ الشَوقُ والهَوى

وأَنضَجَ حَرُّ البَيْنِ مِنّي فُؤادِيا

أَلا لَيْتَ عَيني قَد رَأَت مَن رَآكُمُ

لَعَلِّيَ أَسْلو ساعَةً مِنْ هُيامِيا

من حكم العرب

على قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتي العَزائِمُ

وتَأْتي عَلى قَدْرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وتَعْظُمُ في عَيْنِ الصَّغيرِ صِغارُها

وتَصْغُرُ في عَيْنِ العَظيمِ العَظائِمُ

البيتان لأبي الطيب المتنبّي، يقول إن إرادة الإنسان وعزيمته، هما الفيصل في مقاربته لأمور الدنيا، فالمتمكّن يرى عظائم الأمور صغيرة، والضعيف يرى الصغائر كالجبال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/y59zhdhr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"