عادي

عذب الكلام

00:33 صباحا
قراءة 3 دقائق
1
إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أم اللغات
من جماليّات البلاغة، السَّلبُ والإيجابُ، وهو أن يقصدَ المتكلّم، تَخصيصَ شيءٍ بصفةٍ، فينفيها عن جميع الناس، ثمّ يثبتُها له مَدْحاً أو ذماً؛ فالمدحُ كقول الخَنساء:
وما بَلَغَتْ كَفُّ امْرىءٍ مُتناولاً
مِنِ المَجْدِ إلّا والّذي نِلتَ أطْولُ
ولا بَلَغَ المُهْدونَ لِلنّاسِ مَدْحَةً
وإنْ أَطْنَبوا إلا الذي فيك أَفْضَلُ
والذّم، كقول بَعضهم:
خُلِقوا وما خُلِقوا لِمَكْرُمَةٍ
فَكَأنَّهم خُلِقوا وما خُلِقوا
رُزِقوا وما رُزِرقوا سَماحَ يَدٍ
فَكَأنّهم رُزِقوا وما رُزِقوا
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ
محمود سامي البارودي
(بحر الوافر)
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ على الْوِدادِ
فَلا تَحْفِلْ بِقُرْبٍ أَوْ بِعادِ
إِذا كانَ التَّغَيُّرُ فِي اللَّيالِي
فَكَيْفَ يَدُومُ وُدٌّ فِي فُؤادِ
ومَنْ لَكَ أَنْ تَرَى قَلْباً نَقِيّاً
ولَمَّا يَخْلُ قَلْبٌ مِنْ سَوادِ
فَلا تَبْذُلْ هَواكَ إِلى خَلِيلٍ
تَظُنُّ بِهِ الْوَفاءَ ولا تُعادِ
وكُنْ مُتَوَسِّطاً فِي كُلِّ حالٍ
لِتَأْمَنَ ما تَخافُ مِنَ الْعِنادِ
مُداراةُ الرِّجالِ أَخَفُّ وَطْأً
على الإِنْسانِ مِنْ حَرْبِ الْفَسادِ
يَعِيشُ الْمَرءُ مَحْبُوباً إِذا ما
نَحا في سَيْرِهِ قَصْدَ السَّدادِ
وما الدُّنْيا سِوى عَجْزٍ وحِرْصٍ
هُما أَصْلُ الْخَلِيقَةِ فِي الْعِبادِ
فَلَوْلا الْعَجْزُ ما كانَ التَّصافِي
ولَوْلا الْحِرْصُ ما كانَ التَّعادِي
وما عَقَدَ الرِّجالُ الْوُدَّ إِلَّا
لِنَفْعٍ أَوْ لِمَنْعٍ مِنْ تَعادِي
فَيا ابْنَ أَبِي ولَسْتَ بِهِ ولَكِنْ
كِلانا زَرْعُ أَرْضٍ لِلْحصادِ
تَأَمَّلْ هَلْ تَرى أَثَراً فَإِنِّي
أَرى الآثارَ تَذْهَبُ كَالرَّمادِ
فَطُوبَى لامْرِئٍ غَلَبَتْ هَواهُ
بَصِيرَتُهُ فَباتَ عَلى رَشادِ
من أسرار العربية
في الخَلاء:ِ أَرْض قَفْرٌ: لَيْسَ فيِها أَحَدٌ. ومَرْتٌ: لَيْسَ فِيها نَبْتٌ. جَرُزٌ: لَيْسَ فِيهَا زَرْع. فَلٌّ: لَمْ تُمْطَرْ. رَوْضٌ أُنُفٌ: لَمْ يُرْعَ. بُسْتَانٌ خِمٌّ: لَيْسَ فِيهِ فاكِهَةٌ. شَجَرَةٌ سُلُبٌ: لَيْسَ عَلَيها وَرَقٌ. دارٌ خاوِيَة: لَيْسَ فِيها أَهْلٌ. سَطْحٌ أَجَمُّ: لا جِدارَ عَلَيْهِ. قَرْيةٌ جَلْحاءُ: لا حِصْنَ لَها. غَمامٌ جَهامٌ: لَيْسَ فِيهِ مَطَرٌ. بِئْرٌ نَزِحٌ: لَيْسَ فِيها ماء. إناءٌ صُفْرٌ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ. بَطْنٌ طَاوٍ: لَيْسَ فِيهِ طَعَامٌ. عَجِينٌ فَطِيرٌ: لَمْ يَخْتَمِرْ. خَدٌّ أمْرَدُ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَعْرٌ. امْرَأَةٌ عُطْلٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا حُلِيٌّ. خَطُّ غُفْلٌ: لَيْسَ عَلَيهِ شَكْلٌ. مُكَسَّعٌ: لم يَتَزَوَّجْ. غِرٌّ: لم يُجَرِّبِ الأمُورَ. عَزَبٌ: لا امْرَأةَ لَهُ. أَيِّمٌ: لم يتزوّج من الرجال والنساء، وهو من الفعل آمَ يئيمُ، وآمتْ تَئيمُ أيْماً؛ قال الشاعر:
لَقَدْ إمْتُ حتّى لامَني كُلُّ صاحِبٍ
رَجاءً بسَلْمى أَن تَئِيمَ كما إمْتُ
هفوة وتصويب
تردُ كثيراً هذه العبارة عند بعض الكتّاب «يرى مِنْ خِلالِ هذا الأمر.. كذا».. وهي استخدامٌ غير صحيح، لأنّ الخُلّة، مُنْفَرَج ما بَيْن كل شيئين؛ «جَلَسْنا خِلالَ الحيِّ وخِلال دُور القَوْمِ»، أَي بَيْنَ البُيوت ووسط الدّور والصواب: يرى في هذا الأَمْر..أو عَبْره....
يقول بعضُهم «الأجْرُ حَسَبَ العَملِ». وهي خطأ، والصّوابُ «بحَسَبِ العَمل أو على حَسْبِ العَمَل». والحَسْبُ: قَدْرُ الشَّيْءِ. والحُسْبانُ: العَذابُ والبَلاءُ. وأحْسَبْتُهُ وحَسَّبْتُهُ (بالتشديد): أعْطَيْتُه ما يرضيهِ؛ قال الشاعرُ:
ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إنْ كان جائعاً
ونُحْسِبُهُ إنْ كانَ لَيْسَ بجائعِ
من حكم العرب
وما الحُسْنُ في وَجْهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ
إِذا لَمْ يَكُن في فِعلِهِ والخَلائِقِ
وما بَلَدُ الإِنْسانِ غَيرُ المُوافِقِ
ولا أَهلُهُ الأَدنَوْنَ غَيْرُ الأَصادِقِ
البيتان لأبي الطيّب، يقول إن الحُسن الحقيقي هو في الأفعال وكرم الأخلاق. والأهل والوطن الحقيقيان، هما اللذان يمنحان المودّة والأمان.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2b2zx27j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"